ولما فرغ من باب الفصل والوصل فى الجمل وهو متضمن لاقتران إحدى الجملتين بالواو وعدم اقترانها ناسب ذكر الجملة الحالية ؛ لأنها تقترن بالواو فتكون كالموصولة فى الصورة الظاهرة ، ولو كان واوها لغير عطف ولا تقترن بها فتكون كالمفصولة فجعل البحث عن الجملة الحالية ، كالرتاجة لباب الفصل والوصل لتلك المناسبة زيادة للفائدة فقال :
تذنيب
وهو فى الأصل جعل الشيء ذنابة للشيء ، والذنابة بضم الذال العجمة وكسرها مؤخر الشيء ومنه الذنب وهو ذيل الحيوان ، فشبه بذلك الجعل ذكر بحث الجملة الحالية ، وأنها تكون بالواو تارة وبدونها أخرى عقب ذكر الفصل والوصل ، وجعل هذا البحث من حيز الفصل والوصل للمناسبة السابقة ، وهى كونه فى الصورة كالفصل والوصل بل وفى المعنى من جهة حصول الربط بالواو كالعاطفة ، مع ما قيل من أن أصل واو الحال العطف ، ووجه الشبه بين الجعل وذكر البحث فى إيجاد الشيء متصلا بآخر الشيء اتصالا يقتضى عده من أجزائه ، وكونه أدناها لقصد التكميل ثم استعير لفظ المشبه به للمشبه الذى هو ذكر بحث الجملة الحالية متصلا ببحث الفصل والوصل استعارة تحقيقية هذا هو الذى ينبغى أن يراعى فى أصل هذا اللفظ ، ولكن استعمل هنا فى متعلق ذلك الذكر ، وهو الألفاظ المسطرة المترجم لها ثم أشار إلى تحقيق أحوال الجملة الحالية ممهدا لذلك فقال : (أصل الحال المنتقلة) يعنى الكثير الراجح فيها ، وهذا كما يقال أصل الكلام الحقيقة أى : الكثير الراجح أن يكون حقيقة والمرجوح أن يكون مجازا ، ولم يرد بالأصل القاعدة والدليل أو غير ذلك مما يراد به فى غير هذا الموضع كذا قيل والأولى أن يراد بالأصل مقتضى الدليل ، كما يرشد إليه التعليل بعد وهو قوله لأنها فى المعنى حكم إلخ.
(أن تكون بغير واو) أى : مقتضى الدليل أن تكون الحال بغير واو ، ويسمى على هذا مقتضى الدليل أصلا لابتنائه على الأصل الذى هو الدليل واحترز بالمنتقلة من اللازمة لصاحبها سواء وردت بعد جملة فعلية ، كقولهم : خلق الله الزرافة يديها أطول