خبرية معنى ، ورحمهالله إنشائية معنى ، ولفظهما معا خبر ، فلاختلافهما فى المعنى لم يعطف إحداهما على الأخرى ، والقسم الأول أخروى بالنسبة لهذا ولم يمثل بما يكون لفظهما معا إنشاء وهما مختلفان معنى ، لقلة وجوده ، وذلك كقولك عند ذكر من كذب على النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ليتبوأ مقعده من النار لا تطعه أيها الصاحب (أو لأنه) أى : يحصل كمال الانقطاع لأجل اختلافهما خبرا وإنشاء ، أو لأن الشأن فيهما (لا جامع بينهما) فقوله : «أو لأنه» معطوف على قوله : «لاختلافهما» وقوله : «لا جامع بينهما» خبر ضمير الشأن وهو الهاء فى «لأنه» والجامع الذى انتفى تحقق كمال الانقطاع الموجب لمنع العطف هو معلوم (كما سيأتى) فى محله عند تفصيله إلى عقلى وخيالى ووهمى ، وقوله : «أو لأنه جامع بينهما» يعنى مع كونهما لم يختلفا فى معنى الخبرية والإنشائية ؛ بل هما خبريتان معا معنى أو إنشائيتان معا ، وإنما قلنا كذلك ؛ لئلا يدخل القسم الأول فى هذا أيضا كما تقدم فيما قبل ، ثم مالا يصلح فيه العطف لانتفاء الجامع ، إما لانتفائه عن المسند إليهما فقط كقولك «زيد طويل وعمرو قصير» حيث لا جامع بين زيد وعمرو من صداقة وغيرها ، ولو كان بين الطول والقصر جامع التضاد كما يأتى ، وإما عن المسندين فقط كقولك «زيد طويل وعمرو عالم» حيث لا صداقة بين زيد وعمرو وغيرهما.
الفصل لكمال الاتصال
(وأما كمال الاتصال) الذى يكون بين الجملتين فيمنع من العطف ، إذ عطف إحداهما على الأخرى معه كعطف الشيء على نفسه (ف) يتحقق ذلك الكمال بينهما (ل) أجل (كون الثانية مؤكدة للأولى) تأكيدا معنويا ، بأن يختلف مفهومهما ، ولكن يلزم من تقرر معنى إحداهما تقرر معنى الأخرى أو تأكيدا لفظيا بأن يكون مضمون الثانية هو مضمون الأولى ، فيؤتى بالثانية بعد الأخرى (لدفع توهم تجوز أو غلط) أى : لأجل أن يدفع المتكلم توهم السامع التجوز فى الأولى فتنزل الثانية منزلة التأكيد المعنوى فى المفردات ؛ لأنه إنما يؤتى به لدفع توهم التجوز ، أو يدفع توهم السامع الغلط فى الأولى ، فتنزل الثانية منزلة التأكيد اللفظى فى المفردات فإنه إنما يؤتى به لدفع