ألفاظها ، فلا حدود لها إلا بحسب الاسم ؛ لأن الحد الحقيقى لا يكون إلا بعد تحقق الوجود ، فلذلك يطلب وجود المعنى بعد حده بالحد الاسمى ، كما تقدم أن أول ما يوضع فى التعليم الحدود الاسمية ، ثم يبرهن على وجود حصصها فى الأفراد ، وتكون تلك المحدودات بذلك الاعتبار موجودة ثانيهما أن للفظ معنى جمليا وتفصيليا ، وذلك يتصور باعتبار الواضع إن بنينا على أن اللغة اصطلاحية ، فيمكن أن يتصور المعنى تفصيلا بتصور أجزائه جنسا وفصلا ، ثم يعين اللفظ بإزائه وأن يتصوره إجمالا بشيء مما يساويه فيعين له اللفظ ، وهذا هو الذى دلت عليه تعاريف أهل اللغة ، وأما الأول فلا يكاد يحصل إلا من الذى ارتاض بصناعة المنطق ، يستخرج للحقيقة أجزاءها الذاتية من الجنس والفصل ، ويتصور ـ أيضا ـ باعتبار المجيب ، فقد تبين بهذا أن معرفة المعنى فى الجملة لا تستلزم معرفته تفصيلا ؛ لأن المعرفة الأولى توجد ممن له علم بوضع الألفاظ لغة ؛ لأنه يقف بذلك على حقيقتها فى الجملة بخلاف الثانية وهى المستفادة من الحد المنطقى ، وتسمى الأولى تصور مجموع ، والثانية مجموع تصورات ، فيحتاج إلى الثانية بعد الأولى ، وبذلك يظهر الفرق بين الحد والمحدود ، وقد تجهل الجملة من دلالة لفظ من الألفاظ فتبين بدلالة لفظ آخر بالإجمال ـ أيضا ـ ثم يسأل عن التفصيل ، وقد يبين التفصيل من أول وهلة زيادة للفائدة ، أو لعدم حصول لفظ يدل إجمالا ، فعلم بذلك أن معنى التعريف مطلقا التنبيه على أن المعنى الفلانى المعلوم للمخاطب هو المراد من هذا اللفظ ، فتم على كل حال اكتساب علم من جهة أن هذا المعنى جهل أن التفصيل المعلوم بألفاظ أخرى هو هذا ، وأن المعنى المعلوم بلفظ آخر جملة هو هذا ـ تأمل والله تعالى أعلم.
(وبمن) معطوف على بما أى : ويطلب بمن (العارض المشخص) أى : الأمر الذى يعرض ويوجب تشخيصا وتعيينا (لذى العلم) بحيث يتميز به عما سواه من الأفراد ذوات العلم ، سواء كان ذلك العارض علما أو غيره كوصف (كقولنا : من في الدار) فإن هذا سؤال عن الوصف الذى يعين الشخص الكائن فى الدار من أهل العلم ، فيجاب بزيد ونحوه مما يفيد تشخصه ، كذلك الرجل الطويل الذى لقيته بالأمس عند تعينه بهذه