وجوده ؛ لاستحالة طلب وجود مفهوم اللفظ قبل العلم بأن له مفهوما ، إذ لعله مهمل ، ثم إذا علم وجوده طلب تفصيل ذلك المفهوم فى الحد المتضمن للجنس والفصل ، ولكن فى هذا الكلام بحث من وجهين ، ولذلك حكاه بصيغة التمريض ، أحدهما : أن ما ذكر من استحالة طلب الوجود قبل الوقوف على المفهوم فى الجملة ، لا يسلم بل قد يطلب بناء على أن الأصل فى اللفظ وضعه لمفهوم ما ، ثم على تقدير تسليمه فإنما ذلك إذا لم يعرف أن له مفهوما أصلا ـ كما قررنا ، ـ فأما إن عرف أن له مفهوما ، ولو لم يوقف على ما يعينه فى الجملة فلا مانع من السؤال عن وجوده
وثانيهما : أن شرح الاسم لا يتعين أن يكون بالإجمال حتى تتوسط هل البسيطة بينه ، وبين التفصيل الحقيقى ، لجواز أن يسأل عن تفصيل مفهوم اللفظ ، ثم يسأل عن وجوده ، فلا يحتاج بعد إلى سؤال آخر ، لما تقرر أن مفهوم اللفظ إذا عرف تفصيلا هو الذى يصير حقيقة عند السؤال بعد ما تقرر وجوده ، فلا يفتقر إلى سؤال آخر إلا بهل المركبة التى يسأل بها عن أحوال الشيء الزائدة على حقيقته ، وهى : التى تقع فى الرتبة الرابعة بناء على ما ذكره المصنف ، اللهم إلا أن يكون شرح الاسم مخصوصا اصطلاحا بالسؤال عن مدلول الاسم فى الجملة ، وأنه لا يسأل اصطلاحا عن التفصيل إلا عند تحقق الوجود وهذا لا يكاد يتحقق مع ما تقرر من أن أول ما يوضع في كتب العلم الذي يفتقر فيه إلى التعليم الحدود الاسمية ، وهي : مفهومات الألفاظ المفصلة التى تثبت للمعدوم والموجود ، فإذا برهن على وجودها صارت تلك الحدود هى نفس حدودها الحقيقية التى هى للموجودات فقط. كما يقال فى أوائل الهندسة : إن المثلث هو ذو الأضلاع الثلاثة ، ثم يبرهن على وجوده ، فلا يفتقر بعد إلى حد ، فكيف يصح أنه لا يسأل اصطلاحا إلا عن المعنى فى الجملة دون التفصيل؟ ولا يجاب بالتفصيل إلا بعد تحقق الوجود ، وقد تضمن هذا الكلام شيئين ـ كما أشار ابن سينا إلى ذلك فى الشفاء ـ أحدهما : إن الموجودات لها حقائق ومفهومات ؛ لأن معنى اللفظ لا يسمى حقيقة إلا بعد تحقق وجوده ، فلها حدود حقيقية لوجودها ، واسمية باعتبار الوضع الذى لا يشترط فيه الوجود ، وأن المعدومات ليس لها إلا المفهومات ، لعدم وجود معنى