يَسْمَعُونَ)(١) فيمتنع أن يقال : لا الذين لا يسمعون ، أولا الصم فإن الاستجابة لا تكون إلا من سامع دون من لا يسمع ، فالتأكيد بالنفى بلا غير مفيد فى نحو ذلك.
وينبغى أن يتنبه ههنا لدقيقة وهو أن الحصر فيما يعلم فيه الاختصاص لا يصح باعتبار الظاهر إذ لا يعتقد الوصف لمن لا يصح له حتى يرد ذلك الاعتقاد بالحصر وإنما هو لتنزيل المنفى عنه منزلة من لا تصح له الصفة ، فالكافر هنا نزل منزلة من لا سمع له فى عدم قبول الحق ، ونزل المخاطب فى حرصه على هدايته منزلة من اعتقد أنه يستجيب مع عدم السماع ، ويتضمن ذلك التعريض بالكافر بأنه من جملة الموتى ممن لا سمع له فليس هنا فى الحقيقة إلا نفيها عن الكافر وإثباتها للمؤمن ، لكن لما كان الحصر بحسب الظاهر فى المختص صحت مراعاة هذا الظاهر ، فيمتنع العطف بلا أو يقبح فافهم.
ويمكن وجود هذا فى قصر الموصوف كقولك : إنما المقتفى متبع طرق السنة لا متبع البدعة هذا فى إنما ، وأما التقديم فلم يذكروا فيه هل يجوز أن يقال مثلا مستجيب الذى يسمع لا غير السامع أم لا ؛ فانظره ؛ وقال (عبد القاهر : لا تحسن) مجامعة النفى بلا العاطفة ذلك الثالث (فى) الوصف (المختص كما تحسن) تلك المجامعة (فى غيره) أى غير المختص كقولك : إنما يقوم زيد لا عمرو ، وقال المصنف (وهذا) الذى قال عبد القاهر (أقرب) إلى الصواب مما قاله السكاكى ، وهو المنع لأنه لا دليل على امتناع أن يقال : إنما يفهم العاقل لا غيره عند قصد التأكيد لا سيما والكلام على ما تقدم على تأويل تنزيل المنفى عنه بمنزلة من لا يصدق عليه المحضور فيه فناسبه التأكيد باعتبار ما فى الباطن تأمل.
والوجه الرابع مما وقع به اختلاف الطرق ما تضمنه قوله : (وأصل الثانى) أى : النفى مع الاستثناء (أن يكون ما استعمل له) أى من أوجه الاختلاف أن يكون الحكم الذى استعمل فيه النفى والاستثناء (مما يجهله) أى : من الأحكام التى يجهلها (المخاطب وينكره) أى : من الأحكام التى ينكرها ، وظاهره أنه لا بد من الجمع بين الجهل ،
__________________
(١) الأنعام : ٣٦.