(و) دلالة الثلاثة (الباقية) وهى ما سوى هذا الرابع وهى ما وإلا وإنما العطف بلا وشبهها (بالوضع) ومعنى ذلك أن التقديم لا يتوقف فيه على معرفة وضع لفظ مخصوص لا عند البلغاء ولا عند غيرهم ، بل إذا تأمل المتأمل الذى له ذوق سليم فى التقديم أدرك أن فائدته الحصر من غير أن يحتاج إلى أن التقديم موضوع عند البلغاء للحصر بخلاف ما سواه فإنها ألفاظ لا يفهم مفادها إلا بمعرفة الوضع بدليل أن التقديم يفيد ما ذكر فى كل لغة ، ولا يختص بوضع دون وضع ، ولا العاطفة مثلا وكذا إنما وما وإلا تصلح أن تكون فى لغة لمعنى دون مفادها فى لغة العربية فلو لا الوضع ما فهم ما ذكر منها.
وأيضا التقديم معنى عقلى لا لفظى استعمل فى التركيب لإفادة الحصر ، ولكن قوله : التقديم يفيد بالفحوى ، وقد فسر الفحوى بالمفهوم كما تقدم فيه تسامح ؛ لأنه يقتضى أن ثم معنى يفهم من اللفظ يسمى الفحوى وإفادة التقديم للحصر يكون بواسطة ذلك المعنى ، وأنت لا تجد السبب فى إفادة التقديم للحصر سوى التأمل فى سر التقديم ، فيفهم بالقرائن الحالية أنه للاختصاص ونفى الحكم عن غير المذكور فلو فسر الفحوى بطلب سر التقديم حتى لا يوجد بالنظر إلى القرائن ما يناسب سوى الحصر فيحمل عليه كان قريبا لكن على هذا لا يراد بالفحوى مفهوم المخالفة بل سببه ، ويحتمل أن يراد بالمفهوم الذى هو الفحوى نفس الاختصاص فيكون التقدير دلالة التقديم بواسطة كون الحصر فحوى أى مفهوم مخالفة وفيه تكلف تأمل.
(و) الوجه الثانى من أوجه الخلاف بين الطرق ما تضمنه قوله (الأصل) أى الكثير (فى الأول) وهو طريق العطف (النص على المثبت) أى فى جملة ما تختلف فيه تلك الطرق أن الكثير فى استعمال الأول منها التنصيص على الذى أثبت له الحكم فى قصر الصفة ، أو على الذى أثبت لغيره فى قصر الموصوف ، (و) النص على (المنفى) أى الذى نفى عنه فى الأول ، أو نفى عن غيره فى الثانى (كما مر) عند ذكره فى طرق الحصر فتقول فى قصرها ـ جريا على الأول الكثير ـ قام زيد لا عمرو ، فقد نصصت على الذى أثبت له القيام وهو زيد ، والذى نفى عنه ، وهو عمرو ، وفى قصره : زيد قائم