فيه التردد بين شيئين ؛ بل لو تردد بين أشياء ، وعين بعضها كان قصر تعيين ، وهذا الاحتمال الثانى ـ وهو تخصيصه بالثانى ـ يقتضى أن الاتصاف بالمعين جعل مكان غيره ، وأن ذلك الغير جعل له المخاطب مكانا كما تقدم فى قصر القلب ، وفيه بحث ؛ لأن المتردد بين الاتصاف وغيره لم يجعل لأحد الاتصافين أو الاتصافات مكانا ، فالأولى أن يجعل قصر التعيين داخلا فى تعريف حد قصر الإفراد ؛ لأن تخصيص شيء بشيء دون غيره معناه ـ كما تقدم ـ تجاوز أحد الشيئين أو الأشياء إلى غيره فالاتصافان المردد بينهما أو الاتصافات تجوز غير المعين من ذلك إلى ذلك المعين ، وهذا هو الذى قاله صاحب المفتاح ، وأجيب بأن المتردد قرر أحد الأمرين ، أو الأمور فى نفس الأمر فجعل المثبت مكانه ورد بأن لأحد لا لعينه ، وهو الذى قرره المتردد يصدق على المثبت فلم ينف حتى يجعل المثبت مكانه ، وأجيب ـ أيضا ـ بأن المتردد جعل لكل من المتردد فيهما أو فيها مكانا لتجويز ثبوته فجعل الثابت مكان ذلك المجوز ، ورد بأنه لم يجعل الجواز ؛ بل الجواز إن بقيا كما هما ، وإنما قرر ثبوت أحد المجوزين ووقوعه لا جوازه حتى يكون مكان جواز الآخر ، وعلى تقدير مراعاة انتفاء جواز الآخر لوقوع الثابت فلا يمنع ذلك كون التخصيص فيه إنما هو بشيء دون شيء ؛ لأنه تجوز أحد المجوزين إلى الآخر فلا وجه لتخصيصه بالثانى ؛ بل يصدق على قصر التعيين التعريفان معا حينئذ ، ولكن على هذا يلزم البحث فى كلام السكاكى والمصنف معا ، فلا يختص به المصنف ـ كما قيل ـ إذ كما أنه لا وجه لتخصيصه بالتعريف الذى فيه مكان كما عند المصنف ، فلا وجه لتخصيصه فيه بالذى فيه دون ـ كما عند السكاكى ـ بل الصواب على هذا جعل التعريفين شاملين لقصر التعيين ، كما فى الاحتمال الأول ، وهذا كله بناء على أن مفاد مكان خلاف مفاد دون ، كما اعتبره المصنف ، وإلا لم يختص البحث بقصر التعيين ؛ بل يجرى فى التعريفين باعتبار القصرين الأولين أيضا لصدق كل منهما حينئذ على الآخر فتدبر ، والله أعلم.
(وشرط قصر الموصوف على الصفة إفرادا) أى قصر إفراد (عدم تنافى الوصفين) فى اعتقاد المخاطب ، ولو كانا متنافيين فى أنفسهما ، وإنما شرط فى قصر