للغرض المفاد وليست الأهمية ههنا هى الموجبة للتقديم ؛ بل الحاجة إلى التقديم هى الموجبة للاهتمام بذلك التقديم ، فالأهمية هنا معللة موجبة بفتح الجيم لا موجبة بالكسر ، والعلة هى الحاجة والتقديم والأهمية متلازمان معللان بعلة الحاجة ؛ لأن الحاجة إنما هى إلى التقديم ، واهتم به لكونه محتاجا إليه ، وهذا المعنى يعم كل ما يجب فيه التقديم ، فإن قيل : كيف يصح على هذا المعنى الأخير الذى هو المراد هنا قوله ويفيد التقديم وراء التخصيص الاهتمام ؛ لأنه يصير المعنى أن التقديم يفيد الاهتمام بالتقديم ، وهو كإفادة الشيء نفسه؟ قلت : ليس هو من إفادة الشيء نفسه كما لا يخفى ؛ إذ لا مانع من أن يقال : إذا وقع التقديم لغرض آخر من الأغراض أفاد إذ ذاك أن المتكلم كان اهتم بذلك التقديم لذلك الغرض ، فالكلام على ظاهره صحيح ، لكن على هذا ليس فى هذا المعنى كبير فائدة ؛ لأنه من المعلوم أن التقديم حيث يتعلق به الغرض ، لفائدة من الفوائد فمن شأن مراد مريد تلك الفائدة أن يعتنى بالتقديم لذلك المراد فتأمل.
فإن تحقق كون الاهتمام على هذا من أغراض التقديم من السهل الممتنع إذ لا يصح على ظاهره والله أعلم (ولهذا) أى : ولأجل أن التقديم يفيد الاختصاص ويفيد بعد ذلك الاهتمام (يقدر) المحذوف (فى) قولنا (بسم الله مؤخرا) أى : يقدر ما يتعلق به الجار والمجرور مؤخرا ، حيث يكون ذلك المجرور مما له متعلق ، ويناسب المقام إرادة التخصيص ، كما فى بسم الله فإذا قدر مؤخرا أفاد الاختصاص والاهتمام معا ، ومعنى الاهتمام بين موجود ههنا ؛ لأن الجلالة يهتم بها لشرف ذاتها ، ويهتم بتقديمها مع الجار لإفادة الاختصاص ردا على المشركين فى ابتدائهم بأسماء آلهتم ؛ لأنهم يقولون باسم اللات باسم العزى مثلا.
والقصر هنا قصر إفراد ؛ لأن المشركين المردود عليهم بالتخصيص لا يمتنعون من الابتداء باسم الله تعالى ، إذ هم يعترفون بألوهيته ، وأنه أعظم الآلهة كذا قيل ، ويرد عليه أن تقديمهم المجرور فى قولهم : لعنة الله عليهم باسم اللات ـ مثلا ـ لا يصح أن يكون للاختصاص لاعتقادهم ألوهية الله تعالى وابتدائهم باسمه فى بعض الأوقات من غير إنكار عليهم ، ولا للاهتمام ؛ لأنه أعظم الآلهة على هذا وهم بلغاء فصحاء اللهم إلا