هذه الحقيقة يعنى فينشأ عن إيجاد الحقيقة نظر آخر وهو إيجادها فى كل فرد ؛ لأنه يصلح الكلام حينئذ لإيهام تلك المبالغة وهى إفادة التعميم بالطريق المذكور فى إفادة اللام للاستغراق وذلك ؛ لأن الفعل لما تضمن الدلالة على الحقيقة المعرفة باللام صح فيها اعتبار العموم لما فيه بحسب الظاهر من إيهام أن الحمل على فرد دون آخر تحكم ، وكون مفاد الفعل هو الحقيقة المعرفة لا يمنعه كونه فعلا لا يقبل (أل) ؛ لأن متضمنه يقبلها فصح اعتبارها فيه فعلى هذا يكون قول السكاكى فى دلالة الفعل المجعول لازما بالطريق المذكور إشارة إلى قوله ثم إذا كان المقام خطابيا لا استدلاليا حمل المعرف على الاستغراق كما فهم من كلام المصنف ، وإلى ذلك أشار بقوله (ثم) هذا القسم وهو الذى كان الغرض منه ثبوت أصل الفعل لتنزيله منزلة اللازم من غير قصد إلى كونه كناية عن نفسه متعديا (إذا كان المقام) الذى أورد فيه (خطابيا) وهو الذى يكتفى فيه بمجرد الظن كما تقدم (لا استدلاليا) وهو الذى يطلب فيه اليقين البرهانى كما مر (أفاد) أى : إذا كان المقام خطابيا أفاد الفعل فيه ، أو أفاد المقام فى الفعل (ذلك) أى : ثبوته لفاعله أو نفيه عنه مطلقا عند كونه غرضا كما تقدم (مع التعميم) أى : مع إفادته التعميم فى أفراد ذلك الفعل وإنما قلنا بإفادة الفعل للعموم مع ذلك (دفعا للتحكم) وذلك ؛ لأن حمله على خصوص فرد دون آخر مع وجود الحقيقة فى الكل يلزم منه التحكم المذكور فيقصد المتكلم إفادة ذلك العموم اتكالا على أن السامع يفهم حيث لم تنصب له قرينة على معين ، وقد اشتمل الفعل على الحقيقة الموجودة فى الكل فالعموم من لزوم التحكم المحذور فى غيره لكن هذا العموم ظنى كما تقدم فى المعرف باللام ، وتحقيق ذلك فى الفعل على ما مر أن معنى قول القائل حينئذ فلان يعطى أن فلانا يوجد هذه الحقيقة أعنى حقيقة الإعطاء ، والإعطاء المعرف بلام الحقيقة وقد تقدم أنه لا استحالة فى قبوله معنى اللام واعتبارها فيه فى ضمن الفعل كالمعرف باللام صراحة فيحمل فى ضمن الفعل فى المقام الخطابى على استغراق الإعطاءات وشمولها لقصد المبالغة وتوصل إليها بواسطة إيهام أن قصد غيرها يلزم فيه ترجيح أحد المتساويين على الآخر ،