تقديم أحدهما دون الآخر ترجيح من غير مرجح (قلت) للسكاكى أن يفرق بأن الفاعل المعنوى إذا قدم لا يبقى الفعل بلا فاعل ، ولا يتغير عن حاله بخلاف زيد قام إذا قدم بقى الفعل بلا فاعل فاحتاج إلى ضمير مفسوخ التابعية بأن يصير مبتدأ ، فتجويز الفسخ فيه دون تجويزه فى الفاعل بأن يكون هو حال التقديم مبتدأ لا تابعا ، كما كان حال التأخير تحكم أيضا إذ لا مانع من أن يدعى أن أصل زيد قام قام زيد ، فقدم فصار مبتدأ كما قيل فى سحق عمامة إن أصل سحق النعتية ، فقدم فصار مضافا مبتدأ أو غيره وإنما قلنا بالأولوية فى المنع فى التابع ؛ لأن ثبوت انتقاد الإجماع على منع تقديم التابع غير المعطوف محقق ، ولم يحقق ثبوته فى الفاعل ؛ لأن الكوفيين صرحوا بجوازه ، كذا قيل لكن يجب تقييده بتقدم التابع حتى على عامل المتبوع ، وأما بدون التقديم على العامل ؛ بل على المتبوع فقط ، فقد حكى فى البدل والتأكيد كما وقع فى العطف ضرورة فتدبره ..
ومن اقتصر لترجيح المنع فى تقديم الفاعل على المنع فى تقديم التابع بأن التقديم فى الفاعل عن الفعل ملزوم لخلو الفعل حالة التقديم عن الضمير ، وهو محال بخلاف التابع فليس فى تقديمه الخلو عما يستحيل الخلو عنه كما فى تقديم الفاعل لا عبرة باعتباره المحض ، وتقديره المفروض ؛ لأن الاعتبارات الوهمية المحضة لا تجرى فى الأحكام العربية المبنية على القواعد الاستقرائية اللفظية دون الاعتبارات الوهمية فيدعى أن امتناع خلو الفعل عن الفاعل إنما هو عند التركيب اللفظى ، والخلو فى هذه الحالة غير لازم لا عند التقدير الوهمى ، فإنه لا يناسب الأحكام على أنا لا نسلم الخلو لحظة ما ؛ بل فى لحظة التحويل يحصل وجود الضمير كما فى لحظة وجود الممكن عند انتفاء عدمه إن كنا نتنزل لهذه الاعتبارات ، فلا يعرج على مثل هذا المقال (ثم لا نسلم انتفاء التخصيص) الموقوف على جواز الابتداء عند السكاكى فى نحو رجل جاءنى (لو لا تقدير التقديم) عن رتبة الفاعلية المعنوية حتى يرتكب ذلك الوجه البعيد فى الابتداء بالنكرة ، وإنما نسلمه (لحصوله) أى : حصول التخصيص (بغيره) أى : بغير تقدير التقديم عن الفاعلية المعنوية (كما ذكره) السكاكى فى بيان وجه الخصوص فى قولهم شر أهر ذا ناب من التهويل والتفظيع ، ومثله التحقير والتكثير والتقليل ، فإذا كان التخصيص يحصل