حتى يتقرر به الحكم وإنما قلنا ليس قولنا : أنا عرفت من التأكيد الاصطلاحى للعلم الضرورى بأن الفاعل لا يكون تأكيدا للمبتدأ ولو اتحد مصدوقهما ، وكذا لا يصح حمله على تقرير المحكوم عليه نحو : أنا سعيت فى حاجتك وحدى حيث أريد الرد على من توهم أن معك مشاركا فى السعى أو لا غيرى حيث أريد الرد على من زعم أن الساعى غيرك ؛ لأن فى الأول تقرير أن المسند إليه الثابت له الحكم هو المتكلم منفردا لا مشارك له فى الحكم ، وفى الثانى تقرير أن الثابت له الحكم هو هؤلاء غيره وإنما قلنا لا يصح لعدم كونه من التأكيد الاصطلاحى أيضا لأن وحدى حال ولا غيرى عطف مع أنه لا يسلم وجود تأكيد المسند إليه فى الوجهين بل تأكيد التخصيص الذى يستفاد من التقديم للرد على المخاطب فى زعم المشاركة أو الغيرية ، ويسمى الأول قصر أفراد ، والثانى قصر قلب على ما يأتى إن شاء الله تعالى.
فالحاصل أن تأكيد الحكم كما فى : أنا عرفت ليس من تأكيد المسند إليه قطعا فإن تأكيد المسند إليه لا يقرر الحكم أصلا ، وإنما المقرر له تقديم المسند إليه على الفعل ليفيد الإسناد مرتين كما يأتى فى كلام المصنف ، والتأكيد بوحدى ولا غيرى ليس من التأكيد الاصطلاحى ومع ذلك فهو من تأكيد التخصيص لا من تأكيد المسند إليه فليفهم.
(أو لدفع توهم التجوز) أى : يكون التوكيد لدفع توهم السامع أن المتكلم تجوز أى : تكلم بالمجاز ، فيقول المتكلم مثلا : قطع اللص الأمير الأمير أو نفسه أو عينه لئلا يتوهم أن القاطع بعض غلمانه ، وإنما أسند القطع إلى لفظ الأمير مجازا فإطلاقه على الغلمان من إطلاق المسبب الآمر على السبب ، ولا شك أن دفع توهم التجوز فى المسند إليه مما يقرر معناه حتى لا يظن به غيره كما تقدم فى التقرير ، لكن ذكر لما تقدم اختلاف القصد بالاعتبار فيهما وأن الغرض قد يكون هو نفس التقرير لدفع ما ينافيه من الغفلة فى السماع أو الخطأ فى الحمل ، وقد يكون دفع خصوص توهم التجوز (و) لدفع توهم (السهو) بأن يخشى المتكلم أن يعتقد السامع أنه إنما ذكر المسند إليه سهوا ، وأن صاحب الحكم غيره فيقول : جاءنى زيد زيد لدفع توهم السامع أن الجائى غير