على النوعية فيكون المراد كل نوع من أنواع الدواب من كل نوع من أنواع المياه وهو نوع النطفة التى تختص بذلك النوع والنوع يصح خلقه ، والخلق منه باعتبار أفراده لكن ليس الغرض الإشعار بالنوعية بل بالنوع فى ضمن الفرد ولا بد من الاستثناء على هذا التقدير أيضا (و) من تنكير غيره للتعظيم نحو ((فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)) (١) أى : حرب عظيم ؛ لأن الحرب القليل يؤذن بالتساهل فى النهى عن موجب الحرب ، فكان المناسب فى المقام الحرب العظيم ، (و) من تنكير غيره : (للتحقير نحو) قوله تعالى : ((إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا)) (٢) أى : حقيرا ضعيفا إذ الظن يوصف بالقوة والضعف ، ويوصف بالحقارة والاعتبار ، فلما كان الظن هنا فى تقدير الوصف صح استثناؤه على وجه التفريغ مما قبله ؛ لأن الاستثناء المفرغ يجب أن يكون فيه ما قبل المستثنى أعم منه فمطلق الظن هنا أعم من الحقير ، ومن غيره فصح التفريغ ، وأما لو أريد مجرد الظن كان المعنى ما نظن إلا الظن ، والظن لا يحتمل غيره فلا يستثنى من نفسه كما لا يصح : ما ضرب إلا ضربا ؛ لأن الاستثناء المفرغ يجب أن يكون من مقدر عام كما بينا ، وعلى هذا لا يحتاج إلى تأويل أن الأصل ما نحن إلا نظن ظنا ، ونحو ذلك مما قيل ، وقد يكون التنكير لمانع من التعريف كقوله :
إذا سئمت مهنده يمين |
لطول الحمل بدله شمالا (٣) |
إذ لو قال يمينه لكان فيه نسبة السآمة إلى يمين الممدوح فكره ذلك فنكر ، وقد يكون لقصد النكارة ، والجهل بالمسمى كما فى قوله تعالى (أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً)(٤) أى منكورة مجهولة ، وكما أن التنكير الذى هو فى معنى البعضية لأن الفردية بعض مبهم من الحقيقة يفيد التعظيم ، بالطريق السابق كذلك لفظ البعض ؛ لإبهامه ودلالته على أن المعبر عنه بلفظ البعض أعظم فى رفعته ، وأجل من أن يعرف حتى يصرح به فاشترك التنكير
__________________
(١) البقرة : ٢٧٩.
(٢) الجاثية : ٣٢.
(٣) انظر شرح المرشدى على عقود الجمان ج ١ ص ٦٧.
(٤) يوسف : ٩.