الجنس فى غير الخصوصية وإن توجه إلى الجنس فى الكل لم يبق فى خصوصية ما ، وكلا الاستعمالين موجود فيصح لا رجل بالتنوين أى : واحد إذا كان ثم اثنان ، أو جماعة ولا رجال ولا رجلان أى : لا جماعة ولا اثنين إذا كان ثم واحد ، نعم استعمال المفرد فى نفى الجنس أكثر من استعمال غيره ، ويتمحض المفرد لنفى الجنس عند بقائه مع لا ، ثم إن سلم كون المفرد أكثر استغراقا فيما ذكر ؛ لأن النفى فى غير متسلط على الخصوصية فلا يلزم منه كون المفرد المعرف فى الإثبات أكثر استغراقا من غيره ، فقد نص الأئمة على أن الجمع المحلى يعم الحكم فيه كل فرد ، وهو فى ذلك أقوى من المفرد فإذا قيل : إنى أحب المسلمين إلا زيدا ، فالمراد كل فرد فرد لا كل جمع وإلا قيل فى الاستثناء إلا الجمع الفلانى وليست دلالته فى ذلك أضعف من قولنا إنى أحب المسلم ، وقد صرح بذلك النحويون ، وأهل اللغة ، وصرح به أئمة التفسير فى كل ما وقع فى القرآن العزيز من هذا القبيل نحو (أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١)(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ)(٢)(وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ)(٣)(وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(٤) وغير ذلك مما لا ينحصر حمل الجمع فى استغراقه على استغراق المفرد ؛ لأنه إن حمل على استغراق آحاد المجموع الذى هو مقتضى أصل دلالته لزم فى مضمونه التكرار ، وأن لا تكون له آحاد متميزة ؛ لأن الثلاثة مثلا من آحاده فإذا زيد عليها واحد كان أربعة وكان المجموع من آحاده فيدخل الأحد الأول فى الثانى وإذا زيد واحد وكان خمسة لزم فيه دخول الأربعة ، فيتكرر فيه كل فرد مع ما بعده إلى النهاية ، بل مجموع الأفراد حينئذ موجب لتكرير جميع ما قبله ؛ لأنه جماعة يدل عليها الجمع ، فحينئذ لا يتحقق للجمع آحاد يجرى فيها العموم كما جرى فى المفرد ، فلذلك جعلت آحاده آحاد المفرد التى لا يدخل بعضها فى بعض فافهمه ويرد ههنا ما أورده القرافى من أن الأعم إما أن يكون موضوعا لجميع الأفراد حقيقة أو مجازا أو لبعضها أو لغيرها ، والقسمة حاضرة فإن وضع للجميع كان كل فرد
__________________
(١) البقرة : ٣٣.
(٢) البقرة : ٣١.
(٣) البقرة : ٣٤.
(٤) آل عمران : ١٤٨.