على رجل بالتضمن لكان قولنا رجل ، ورجل ، مشتملا على أعظم فائدة ، وهى الانتقال من دلالة التضمن إلى دلالة المطابقة كما يجوز ويحسن الانتقال من الظاهر إلى النص ، ولكان جائزا حسنا ، وتحقيقه أن لفظ رجال فى الحقيقة لفظ رجل إنما تغيرت هيئته فصار دالا على آحاد ينصرف لكل منها وينصب إلى كل منها انصبابا واحدا ولا يكون دالا عليه بالتضمن ؛ لأنه لم يوضع الاستغراق ؛ لأن الموصول مما يدل على الاستغراق نحو (أكرم الذين يأتونك إلا زيدا) فصح التمثيل بها لمطلق العموم ، نعم إن كررنا على مذهب المازنى الذى يرى أن أل مطلقا تعريفية ، لا موصولية ، ولو مع المشتق الصريح صح التمثيل للعموم باللام على كل حال ، فافهم تأمله.
ثم أشار إلى بيان وتحقيق فى الاستغراق باعتبار الأفراد وغيره فقال : (واستغراق المفرد) فى مدلوله المحقق بأداة العموم من حرف التعريف أو غيره كالنفى (أشمل) من استغراق المثنى ، والمجموع فى مدلولهما ، وذلك أن المفرد يتناول كل فرد فرد فيستغرق حكمه آحاد التثنية ، والجمع لتركب كل واحد من آحادهما من جزأين ، أو أجزاء هى آحاد المفرد التى استقل كل واحد منها بالحكم بخلاف التثنية والجمع ، فالتثنية تتناول كل اثنين اثنين ، فلا يتسلط حكمه على جزئهما وهو مدلول المفرد ، والجمع يتناول كل جماعة جماعة فلا يتناول حكمه جزأه الذى هو مدلول المفرد وهذا يتحقق (بدليل صحة لا رجال فى الدار إذا كان فيها رجل أو رجلان) ؛ لأن النفى فيه إنما يتسلط على الجنس المفيد بكونه فى ضمن جماعة من أفراده فالنفى للجنس من حيث الجمعية ، ولا ينافى ذلك بقاؤه من حيث الفردية فيصح النفى المذكور (دون لا رجل) ؛ لأن النفى فيه يتسلط على الجنس فى الجملة ولا يتحقق نفيه ، وفى الدار رجل أو رجلان ، وكذا يصح قولنا لا رجلين إذا كان فيها واحد لمثل ما قرر فى الجمع ، ولا يخفى أن هذا إنما يظهر كل الظهور إن قلنا إن اسم الجنس النكرة موضوع للحقيقة وأما إن قلنا وضع للوحدة الشائعة فيقال فيه ـ أيضا ـ إن النفى متسلط على الجنس فى ضمن الوحدة فلا ينافى ذلك بقاؤه فى ضمن الجمعية ، والاثنينية على حد ما تقرر فى تسلطه على الجنس فى ضمن الجمعية والاثنينية ، فإن توجه النفى إلى الخصوصية فى الكل لم يناف ذلك بقاء