الإطلاق ـ كما أشرنا إليه ، وهو الغريب عند جميع العرب مولدهم وغيره ، فلا يستثقل إلا لأحدهما ، فلا حاجة لزيادة قوله ذوقا تأمل فى هذا المقام.
(والمخالفة) التى هى : كون الكلمة غير جارية على القانون الذى يتقرر به حكم المفردات اللغوية ، والمفردات اللغوية يتقرر حكمها بالقانون التصريفى ، فإذا اقتضى قلب الياء ألفا مثلا فوردت الكلمة بخلاف ذلك ، فقد خرجت عن القانون فتكون غير فصيحة ويتقرر أيضا بثبوت الاستعمال الكثير ، ولو كان على خلاف القياس ، إذ ذلك كالاستثناء من القانون ، كقلب الهمزة من الهاء فى لفظ ماء ، وكقلب الواو من الهاء ، ثم قلب الواو ألفا فى آل ، وكقلب الألف من الهمزة فى يأبى مضارع أبى ، وكتصحيح الواو مع تحركها وانفتاح ما قبلها فى عور يعور ، فإن هذه تجرى على القياس ، لكنها ثبت عن الواضع حكمها واستعمالها ـ هكذا ، فصارت فى تقرر حكمها عن الواضع بالاستعمال الكثير كالداخلة فى القانون ، وكفتح عين الكلمة أو ضمها أو كسرها أو سكونها الثابت نقله لغة ، فخلافه يخل بالفصاحة ، ولذلك كانت العبارة الجامعة أن يقال : المخالفة كون الكلمة على خلاف ما ثبت فيها عن الواضع بالاستعمال الكثير ، فإن قيل استعمال العرب وضع فلا تتصور المخالفة بالنسبة إليهم ، والمخالفة بالنسبة إلى غيرهم لا تضاد الفصاحة فهى لغو لا ينبغى الاحتراز عنها ؛ لأن كلام غيرهم لا يوصف بالفصاحة ، ولا يعد منها ، قلت : لا نسلم أن مطلق استعمال العرب كالوضع ، بل الكثير المعتبر فتتصور المخالفة باعتبارهم ـ كما أشرنا إليه فى التقرير ، ولا نسلم أن كلام المتشبه بالعرب المولد لا يوصف بالفصاحة ، ولا بعدمها ولا يخفى تصور المخالفة باعتباره نحو الأجلل فإن الثابت عن الواضع الأجل بالإدغام ـ هكذا ، ففكه مخالف فى قوله :
(الحمد لله العلى الأجلل) |
الواحد الفرد القديم الأول (١) |
(قيل) فصاحة المفرد هى الخلوص من الأمور المتقدمة (و) خلوصه (من الكراهة فى السمع) بأن يمج طبعا عند سماعه ، وذلك (نحو) الجرشى فى قول أبى الطيب :
__________________
(١) الرجز لأبي النجم في خزانة الأدب ٢ / ٣٩٠ ، ولسان العرب ١ / ١١٦ (جلل).