بالسراج فى الرونق ، حتى كأنه فيه سراجا ، أو كأنه صار سراجا قال : ومنه سرج الله أمره أى : بهجه وحسنه ، وهو يحتمل وجهين متقاربين.
أحدهما : أن يكون المعنى من وصف الشيء بالسريجى ، لكثرة مائه فكأنه السراج ، قولهم : سرج الله أمره أى : صيره كالسريجى أى : كالمشبه بالسراج ، فهو بهذا المعنى التشبيهى بمعنى جعله شبيها ، لا بمعنى أن الله تعالى شبهه به ، أو نسبه إلى السراج ـ كما لا يخفى.
والآخر : أن يكون المعنى من الأخذ من السراج سرج الله وجهه وبكل تقدير فلا يخلو من الحاجة إلى تكلف التخريج الذى أوجبه الاستحداث من السراج ، لكن الحق أن كلامه لا يدل إلا على الاستحداث ، وهو أعم من التوليد الموجب قطعا للغرابة ؛ لأن الاستحداث يوجد من أهل اللغة ، لكن إذا خرج المستحدث عن الأصل وصار لا يفهم إلا بتكلف صار غريبا مخلا بالفصاحة ، فهذا التصريح يدل على الغرابة لو لم يدل على التوليد ، فيعود فى الحقيقة لمثل ما فى المتن ـ تأمل والله الموفق.
فإن قلت إذا كانت الغرابة فيها مستحسن ، ومنه غريب القرآن ، ومعلوم أن الغرابة تخل بالفصاحة فى الجملة وحينئذ يلزم أن يشتمل القرآن على غير الفصيح ، قلت : لا نسلم لزومه أما إذا بنينا على ما تقدم من أن الغرابة فيه باعتبار المولدين فظاهر ؛ لأن فصاحة القرآن باعتبار الخلص من العرب ، إذ بلغتهم نزل وعلى تقدير تسليم أن الغرابة فيه باعتبار بعض الخلص دون بعض ؛ بأن يكون الوحشى هو ما لم تتداوله عرب فظاهر أيضا لأن القرآن مشتمل على أنواع من لغات العرب ، فعربيه فصيح بالنسبة للعرب فى الجملة إذ العرب بلسانهم فى الجملة نزل القرآن العظيم ، وإن كان غالبه قرشيا ، وغاية ما فيه أن غريبه لا يكون كغيره فى الفصاحة ، وهو مسلم ؛ لأن القرآن متفاوت فى نفسه فى البلاغة والفصاحة ، فتحصل من هذا أن الغرابة المخلة بالفصاحة هى الغرابة المطلقة لا المقيدة ، وربما يراد هنا أن الغريب المستقبح هو المتوعر المشتمل على الثقل ذوقا ، وفيه بحث ؛ لأن الثقيل بذلك يرجع إلى المتنافر أو الوحشى على ،