المفيد ، وأما على مذهب هذا القائل فلم يكن له ما يتأنس به من مسمى كلام لا تشترط فيه فصاحة كلماته ، إذ لا يوجد كلام فى الجملة لا ـ يشترط فيه فصاحة الكلمات على مذهبه ؛ لأنه يفسر الكلام بما ليس بكلمة فيدخل المفيد وغيره ، فعموم الاشتراط على مذهبه ألزم ، لكن مقتضى هذا أن صاحب المذهب الأول يكون غير المفيد عنده فصيحا ، ولو اشتمل على كلمات غير فصيحة ، ولا أظنه يقول به ، ولو كان هو اللازم لتفسيره ـ تأمل.
ورد ـ أيضا ـ بأن التزام وجود كلام غير فصيح ـ ولو لم يطل فى التنزيل ـ بل وجود كلمة غير فصيحة ، مما يقول إلى نسبة ما لا يليق بجلاله تعالى إليه من الجهل ، أو العجز ، إذ لا موجب لترك الفصيح إلى غيره عادة إلا أحد هذين ، فالواجب الجزم بعدم التنافر بتقارب المخرج ، كما يشهد به الذوق ـ والله اعلم.
(والغرابة) هى : كون الكلمة وحشية أى : غير مأنوسة الاستعمال ، ويلزم كونها غير ظاهرة المعنى بالنسبة لمن تلك الكلمة وحشية لديه ، والوحشية قسمان : قبيحة مستكرهة ذوقا ، لعدم تداولها فى لغة خلص العرب ، وهم : أهل البادية دون المولدين ، وهى مخلة بالفصاحة مطلقا كجحيش للفريد أى : المستبد بأمره الذى لا يشاور الناس فى رأية ، وحسنة وهى : غير مخلة بالفصاحة بالنسبة إلى العرب الخلص إذ ليست بالنسبة إليهم غير ظاهرة المعنى ، ومنها غريب القرآن ، والحديث ، فغرابة المستحسنة إخلالها بالفصاحة نسبى يكون باعتبار قوم وهم المولدون دون قوم وهم الخلص. (نحو) مسرج من قوله :
ومقلة وحاجبا مزججا (١)
أى : مدققا مطولا ، وقيل : زجج الحاجب : دقته ، واستقواسه أى : «صيرورته كالقوس. (وفاحما) أى : وشعرا أسود كالفحم. (ومرسنا) أى : أنفا (مسرجا) أى : منسوبا للسراج ، أو للسريجى ، وهو : السيف المنسوب لقين يسمى سريجا ، ونظيره قولهم : تممته ، فهو متمم ، أى : نسبته لتميم لكن المعلوم فى أخذ فعل بتشديد العين
__________________
(١) الرجز للعجاج في ديوانه ٢ / ٣٤ ، ولسان العرب ٢ / ٢٩٨ ، (سرج) ، ١٣ / ١٨٠ (رسن).