تباعدها ، أو توسط ، مهموس رخو بين شديد ، ورخو مجهور ، كما قيل فى مستشزرات فإن الشين فيه توسطت بالوجه المذكور بين ما ذكر وغير ذلك فقد نقض ، أما التوسط بما ذكر فلو كان موجبا للتنافر لأوجبه فى مستشرفات ، لوجود ما ذكر فيه ، ولا تنافر فيه قطعا ، وأما التباعد فهو كثير مع الفصاحة كبلغ ، وأما التقارب فقد بنى بعضهم على إخلاله بالفصاحه ؛ لأجل التنافر فيه ، والتزم انتفاء الفصاحة عن كلمة ألم أعهد فى التنزيل ، واحتاج إلى الاعتذار بأن اشتمال الكلام الطويل على كلمة غير فصيحة لا يوجب كون ذلك الكلام غير فصيح ، إذ حاصله وصف الكل بوصف انتفى عن جزئه وهو صحيح ، فإن الكلام الطويل المشتمل على كلمة غير عربية لا يوجب عدم وصفه بكونه عربيا ، فقاس الكلام الطويل المشتمل على كلمة غير فصيحة على الكلام الطويل المشتمل على كلمة غير عربية ، فى صحة وصف كل منهما بوصف ليس فى جزئه ، بجامع الطول ، ووجود الوصف فى الجل ، ورد بأن القياس من شرطه وجود الحكم فى الأصل ، والحكم الذى هو صحة وصف الشيء بما ليس وصفا لجزئه ، لم يوجد فى الكلام العربى ، الذى هو الأصل المقيس عليه ، وما يتوهم من كون بعض الكلم ليست عربية كالقسطاس والمشكاة ـ فى الآية الكريمة (١) ـ لا نسلمه ، بل هى عربية مما تواطأت فيه العربية مع غيرها ، أو المراد بوصف الكل الموجود فى الكلام العربى ، ما يعم جميع الأجزاء ، وهو كونه عربى النظم ، فالقياس فاسد لعدم وجود الحكم فى الأصل ، ورد ـ أيضا ـ بعد تسليم وجود الحكم فى الأصل بوجود الفارق ، وهو أن الكلام الفصيح من شرطه فصاحة الكلمات ، وليس المقيس عليه الذى هو الكلام العربى من شرطه عربية كلماته جميعا ، فعلى هذا لا يتصور كلام فصيح ، وبعض كلماته غير فصيحة ، طال أو قصر ؛ لأن شرط فصاحة الكلام فصاحة كل كلمة منه ، بل يمكن أن يتأنس بوجود ما يسمى كلاما فى الجملة من غير شرط فصاحة كلماته جميعا ، وهو المركب الغير المفيد على مذهب من يفسر الكلام هنا بالمفيد ؛ لأن شرط فصاحة الكلمات حينئذ إنما هو في
__________________
(١) وذلك في قوله تعالى : (وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) الإسراء : ٣٥.
وقوله تعالى : (.. مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ) النور : ٣٥.