أى : سألته تعالى ؛ لأنه متولى أمر ذلك النفع حصولا ونفعا. كما أنه المتولى لكل شيء ، ولا شريك له فى شيء ما البتة (وهو) أى : الله تعالى حسبى ، أى : كافى عن غيره فى كل شيء ، فلا أطلب مرادى من غيره (ونعم الوكيل) يحتمل أن يعطف على جملة هو حسبى فيكون المخصوص بالمدح محذوفا أى : ونعم الوكيل المفوض إليه فى جميع الأمور هو أى : الله تعالى ، ويحتمل أن يعطف على الخبر وهو لفظ حسبى ؛ لأنه فى تأويل الفعل ، فيكون فى تأويل الجملة بفاعله إذ التقدير ، وهو يحسبنى أى : يكفينى ، فيكون المخصوص هو الضمير الذى اقتضى العطف وجوده مقدما ، وكون المخصوص مقدما فيه خلاف ، قيل : يجوز وقيل : المقدم دليل المخصوص المؤخر ، وممن نص على الأول صاحب المفتاح ، وإذا كانت جملة وهو حسبى خبرا ، وكانت جملة نعم الوكيل إنشاء لزم ، سواء عطفت على خبر الأولى بالتأويل المتقدم ، أو على جملتها عطف الإنشاء على الإخبار وهو ممنوع ؛ لأن بين الإنشاء والإخبار كمال الانقطاع على ما يأتى ، وقد يجاب بجعل الأولى لإنشاء الثناء على الله تعالى بأنه الكافى فى جميع المهمات ولو كان الثناء بالجملة الاسمية قليلا ؛ لأن ارتكابه أخف من ارتكاب العطف مع كمال الانقطاع ، أو بجعل الثانية معطوفة على خبر الأولى بتقدير القول ، فتكون الجملتان خبريتين إلا أن الثانية مشتملة على إنشاء محكى فيكون التقدير : وهو حسبى وهو المقول فيه نعم الوكيل هو ، وارتكاب هذا أيضا مع ما فيه من التقدير المخرج عن الظاهر أقرب من عطف الإنشاء على الإخبار.
ثم شرع فى أجزاء المقصود بالذكر من التأليف ، وهى أربعة : مقدمة وثلاثة فنون لأن ما يذكر فى التأليف إما أن يكون من المقاصد فى الفن أو لا ، فإن لم يكن من المقاصد بل مما يستعان به على المقصود فهو المقدمة ، وإلا بأن كان من المقاصد فإن كان الغرض منه إدراك الأحوال التى يطابق بها مقتضى الحال ؛ ليحترز بذلك عن الخطأ فى تأدية المعنى الذى يراد زائدا على أصل المراد ، فهو الفن الأول المسمى بالمعانى ، وإن لم يكن الغرض ما ذكر بل شيء آخر ، فإن كان ذلك الشيء الآخر العلم بالأحوال التى بها يحترز عن التعقيد المعنوى ؛ فهو الفن الثانى المسمى بالبيان ، وإن لم يكن الغرض ما ذكر