وألفى قولها كذبا ومينا (١)
والكذب والمين بمعنى واحد ، فأيهما أسقط صح المعنى مع الآخر ، فلم يتعين أحدهما للزيادة ؛ فالفرق بين الحشو والتطويل التعين وعدمه ، مع كون الحشو قد يعرض فيه لتعينه إفساد المعنى وسيأتى ما فى ذلك إن شاء الله تعالى.
(و) من (التعقيد) والتعقيد الذى يتصف به الكلام وهو المراد ههنا هو : كون الكلام معقدا أى : مغلقا لا ينفهم إلا بتكليف. وهو على ما يأتى إن شاء الله تعالى قسمان : معنوى ولفظى وأما الذى يتصف به المتكلم فهو جعل الكلام كذلك.
(قابلا للاختصار) بإزالة ما فيه من التطويل (مفتقرا إلى الإيضاح) أى : محتاجا إلى إزالة تعقيده ؛ ليتضح معناه.
(و) مفتقرا إلى (التجريد) بإزالة ما فيه من الحشو فقوله : قابلا مفتقرا خبر إن بعد خبر وقد تبين أن فى كلامه النشر المخلوط ، ولو أتى بالمرتب لقال : مفتقرا إلى التجريد قابلا للاختصار مفتقرا إلى الإيضاح ، ولكن صنيعه أسدّ ؛ لأن الإيضاح بإزالة التعقيد والتجريد بإزالة الحشو يشتركان فى الافتقار أيهما لأن ضد كل منهما عيب تجب إزالته ، فناسب التعبير فى جانبهما بالافتقار والاختصار بإزالة التطويل ليس فى منزلة الافتقار إليه ، إذ ليس ضده بعيب تجب إزالته ، ولكونه أقرب من الآخرين قدمه فى الذكر كما يقدم الأيسر ، ليتفرغ إلى الأهم ، وأخرهما مجموعين فيما يشتركان فيه وهو الافتقار إليهما ؛ لأن ضديهما من العيوب.
(ألفت) كتابا (مختصرا) هذا جواب قوله : لما كان علم البلاغة إلخ أى : لما كان علم البلاغة رفيع الرتبة ، والقسم الثالث أحسن مصنفاته فيما تقدم وفيه التطويل والتعقيد ، والحشو احتيج إلى كتاب يزيل ما فيه فألفت مختصرا. (يتضمن) ذلك المختصر أى يشتمل على (ما فيه) أى : فى القسم الثالث (من القواعد) جمع قاعدة ، وهى الضابط ، والمراد به قضية تتضمن حكما كليا يشمل بعمومه جميع الجزئيات ، والمراد
__________________
(١) عجز بيت ، وصدره : «وقددت الأديم لراهشيه» ، والبيت لعدى بن زيد في ذيل ديوانه ص ١٨٣ ، لسان العرب ١٣ / ٤٢٥ (مين) ، ومعاهد التنصيص ١ / ٣١٠.