وكان من ولاة مكة من [غير](١) قريش رجال من أهل اليمن. منهم خالد بن عبد الله القسري ، وليها للوليد بن عبد الملك ، ثم أقره سليمان عليها حين ولي زمانا ، فأحدث أشياء بمكة ، منها ما ذمّه الناس عليه ، ومنها ما أخذوا به فهم عليه إلى اليوم. فأما الأشياء التي تمسكوا بها من فعله : فالتكبير في شهر رمضان حول البيت ، وإدارة الصفّ حول البيت ، والتفرقة بين الرجال والنساء في الطواف ، والثريد الخالدي. وأما الأشياء التي ذمّوه عليها : فعمله البركة عند زمزم والركن والمقام لسليمان بن عبد الملك ، والحمل على قريش بمكة ، واظهار العصبية عليهم ، وكان هو أول من أظهر اللعن على المنبر بمكة في خطبته (٢).
١٩٢٨ ـ فحدّثني عبد الله بن أحمد بن أبي مسرّة ، قال : ثنا يوسف بن محمد العطار ، عن داود بن عبد الرحمن العطار ـ إن شاء الله ـ قال : كان خالد بن عبد الله القسري في إمارته على مكة ـ في زمن الوليد بن عبد الملك ـ يذكر الحجّاج في خطبته كل جمعة إذا خطب ويقرّظه ، فلما توفّي الوليد وبويع لسليمان بن عبد الملك ، أقرّ خالدا على مكة ، وكتب إلى عماله يأمرهم بلعن الحجاج بن يوسف ، فلما أتاه الكتاب قال : كيف أصنع؟ كيف أكذّب نفسي في هذه الجمعة بذمّه وقد مدحته في الجمعة التي قبلها؟ ما أدري كيف أصنع؟ فلما كان يوم الجمعة خطب ، ثم قال في خطبته :
__________________
١٩٢٨ ـ يوسف بن محمد العطار لم أقف عليه.
وذكر هذه الخطبة ابن عبد ربّه في العقد الفريد ٤ / ١٩١ ـ ١٩٢ ، ٥ / ٢٦٧.
(١) سقطت من الأصل ، ويقتضيها سياق البحث هذا ، فخالد القسري ليس من قريش.
(٢) نقله الفاسي في العقد الثمين ٤ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦ عن الفاكهي.