فالوجه رفع «السباع» على أنه مبتدأ والخبر في المجرور قبله ، فنصب «السباع» بإضمار فعل يدل عليه وافقت المتقدّم ، كأنه قال : وافقت السباع على دمه ومصرعه ، وإن كان الكلام الذي تقدم السباع لم يتم ، فوجه دخول هذا في البدل أنّ الموضع لما كان يجب فيه رفع «السباع» فنصب على ما ذكر ، كان النصب كأنه بدل من الرفع.
ومن تذكير المؤنث قوله [من المتقارب] :
فلا مزنة ودقت ودقها |
|
ولا أرض أبقل إبقالها(١) |
فذكّر «الأرض» حملا على معنى المكان ، كأنّه قال : ولا مكان أبقل إبقالها ، فكأنه أبدل الأرض من المكان. ومن ذلك قوله [من الطويل] :
أرى رجلا منهم أسيفا كأنّه |
|
يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضبّا(٢) |
فذكّر «الكفّ» كأنّه قال : عضوا مخضبّا ، فكأنه وضع «الكف» موضع «العضو». وقوله [من البسيط] :
إذ هي أحوى من الربعيّ حاجبه |
|
والعين بالإثمد الحاريّ مكحول(٣) |
فكأنه وضع «العين» موضع «الطرف».
ومن تأنيث المذكر في الضرورة قوله [من الطويل] :
٩٦٤ ـ وأنّ كلابا هذه عشر أبطن |
|
وأنت بريء من قبائلها العشر |
فأنّث «الأبطن» حملا على المعنى ، ولذلك أسقط التاء من العدد ، كأنه قال : عشر
__________________
جملة «كرت». وجملة «وافقت السباع» : حالية محلها النصب على تقدير «واو» و «قد» عند بعضهم.
والشاهد فيه قوله : «السباعا» حيث نصب السباع بإضمار فعل يدل عليه فعل «وافقت» المتقدم. والوجه رفع السباع على الابتداء وخبره في المجرور قبله.
(١) تقدم بالرقم ٧٢٤.
(٢) تقدم بالرقم ٦٩٢.
(٣) تقدم بالرقم ٦٨٨.
٩٦٤ ـ التخريج : البيت للنواح الكلابي في الدرر ٦ / ١٩٦ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٤ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٠٥ ، ٥ / ٤٩ ؛ وأمالي الزجاجي ص ١١٨ ؛ وخزانة الأدب ٧ / ٣٩٥ ؛ والخصائص ٢ / ٤١٧ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٦٢٠ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٥٢٠ ؛ والكتاب ٣ / ٥٦٥ ؛ ولسان العرب ١ / ٧٢٢ (كلب) ، ١٣ / ٥٤ (بطن) ؛ والمقتضب ٢ / ١٤٨ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٤٩.
اللغة : البطن : القبيلة.
المعنى : إن قبيلة كلاب لهي عشر بطون وأنت أيها الرجل بريء منها جميعا ، بريء من عروبتها وأصالتها.