يصف درّة ، والفرات الماء العذب. ومعلوم أنّ اللؤلؤة لا تكون إلّا في الماء الملح. فمنهم من قال : غلط ، فظنّ أنّ اللؤلؤة تكون في الفرات ، فلا يكون ضرورة ، ومنهم من قال : إنّ هذا الأمر لا يغلط فيه أبو ذؤيب ، لأنّ مسكنه كان في الجبال المطلّة على البحر ، وهو موضع اللؤلؤة ، فإنّما أراد الماء الملح ، فلما كان ناجعا في حقّها ، جعله بالإضافة إليها فراتا تشبيها بالفرات في أنّه ناجع في الأبدان.
وقيل : إنّه أراد بقوله : «يدوم الفرات» ، ماء اللؤلؤة وهو البريق الذي فيها ، وجعله فراتا لأنّ أعلى المياه كان فراتا ، وهو على كلا الوجهين ضرورة ، لأنّه استعار للشيء اسم غيره مجازا وتشبيها.
ومن البدل المقيس في الضرائر أن تستعمل للشيء ما لا يكون إلّا لغيره على وجه التشبيه والمجاز. فمنه قول الحطيئة [من الطويل] :
سقوا جارك العيمان لمّا جفوته |
|
وقلّص عن برد الشراب مشافره(١) |
فاستعار المشفر للإنسان وإنّما هو للبعير.
وقول الآخر يصف إبلا [من الرجز] :
٩٣٧ ـ يسمع فيها مثل صوت المسحل |
|
بين وريديها وبين الجحفل |
والحشو في حفّانها كالحنظل |
__________________
محل رفع فاعل. من لطمية : «من» : حرف جر زائد ، «لطمية» : اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه تمييز. يدوم : فعل مضارع مرفوع بالضمة. الفرات : فاعل مرفوع بالضمة. فوقها : مفعول فيه ظرف مكان متعلق بالفعل يدوم ، و «ها» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. ويموج : «الواو» : حرف عطف ، «يموج» : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره : هو.
وجملة «جاء» : بحسب الفاء. وجملة «يدوم الفرات» : ابتدائية لا محل لها. وجملة «يموج» : معطوفة على جملة لا محل لها.
والشاهد فيه قوله : «يدوم الفرات» والفرات الماء العذب واللؤلؤة لا تكون إلا في الماء المالح فغلط.
(١) تقدم بالرقم ٧٧٢.
٩٣٧ ـ التخريج : الرجز لأبي النجم في الطرائف الأدبية ص ٦٥ ، ٧١ ؛ ولسان العرب ٩ / ٥٢ (حفف) ؛ وتاج العروس ٢٣ / ١٥٥ (حفف) ؛ وبلا نسبة في لسان العرب ١١ / ١٠٣ (جحفل) ، ١٣ / ١٢٥ (حفن) ؛ وجمهرة اللغة ص ١٣١٢ ، ١٣٢١.