ومثل ذلك عند الفراء قول الآخر [من الرجز] :
٩١٩ ـ في أيّ يوميّ من الموت أفر |
|
أيوم لم يقدر ام يوم قدر |
فحرك الراء من «يقدر» لكثرة السواكن.
ووجهه عندنا أنّه نقل حركة الهمزة إلى الراء الساكنة وأثبت الهمزة لكونه لم يعتدّ بالنقل ، ثم قلب الهمزة ألفا لمجيئها ساكنة بعد فتحة ، على قياس تخفيفها ، ثم قلب الألف همزة وحركها بالفتح لأجل التقاء الساكنين. وقد ثبت أنّ ذلك جائز ، فيكون من باب قولك [من الرجز] :
خاطمها زأمّها أن تذهبا(٢)
يريد : زامّها.
__________________
٩١٩ ـ التخريج : الرجز للإمام عليّ بن أبي طالب في ديوانه ص ٧٩ ؛ وحماسة البحتري ص ٣٧ ؛ وللحارث بن منذر الجرميّ في شرح شواهد المغني ٢ / ٦٧٤ ؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢ / ١٤ ؛ والخصائص ٣ / ٩٤ ؛ والجنى الداني ص ٢٦٧ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٥٧٨ ؛ ولسان العرب ٥ / ٧٥ (قدر) ؛ والمحتسب ٢ / ٣٦٦ ؛ والممتع في التصريف ١ / ٣٢٢ ؛ ونوادر أبي زيد ص ١٣.
اللغة : أفر : أهرب. لم يقدر : لم يقدر حق قدره.
المعنى : إن للآجال كتاب ، فلن يطيلها هرب من الحرب ، ولن يقصرها إقدام عليها ، إذا فلم الخوف والذعر منها!؟
الإعراب : في أي : جار ومجرور متعلقان بالفعل أفر ، و «أي» مضاف. يومي : مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى ، وحذفت النون للإضافة ، و «الياء» : ضمير المتكلم ، ضمير متصل في محلّ جر بالإضافة. من الموت : جار ومجرور متعلقان بالفعل أفر. أفر : فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا ، وسكّن الفعل ، لضرورة الشعر. أيوم : «الهمزة» : حرف استفهام ، و «يوم» : مفعول فيه ظرف زمان منصوب بالفتحة متعلق بالفعل «أفر». لم يقدر : «لم» : حرف جزم ، و «يقدر» : فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بالفتحة الظاهرة ، و «نائب الفاعل» ضمير مستتر جوازا تقديره هو. أم : حرف عطف. يوم : اسم معطوف منصوب بالفتحة متعلق بالفعل «أفر». قدر : فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتحة وسكّن لضرورة الشعر ، و «نائب الفاعل» : ضمير مستتر جوازا تقديره هو.
وجملة «أفر» : ابتدائية لا محلّ لها. وجملة «لم يقدر» : في محل جر بالإضافة. وجملة «قدر» : في محل جرّ بالإضافة.
والشاهد فيه قوله : «لم يقدر» : حيث حرك الراء من الفعل المضارع المجزوم «يقدر» ، وذلك لكثرة السواكن.
(١) سيأتي بالرقم ٩٢٥.