والآخر في : «نعم الرجل يقوم» ، يريد : نعم رجلا يقوم ، فحذفت «رجلا» لدلالة الرجل المتقدم الذكر عليه ، وحذفته مع «من» لأنّها تقتضي التفصيل ، ففيها دلالة على معنى أحدهما أو أحدهم فعل كذا ، والآخر كذا ، فحذفت لقوة الدلالة.
وما عدا ذلك ، فلا يجوز إلّا في الضرورة ، وهو على قسمين : مقيس في الضرائر ، وغير مقيس. فالمقيس أن يكون المحذوف مرفوعا نحو قول الشاعر [من الرجز] :
لو قلت ما في قومها لم تيثم |
|
يفضلها في حسب وميسم(١) |
يريد : أحد يفضلها.
وغير المقيس أن يكون المحذوف ليس بمرفوع ، نحو قول الشاعر [من الرجز] :
والله ما زيد بنام صاحبه |
|
ولا مخالط الليان جانبه(٢) |
يريد : برجل نام صاحبه.
وقول الآخر [من الرجز] :
ما لك عندي غير سهم وحجر |
|
وغير كبداء شديدة الوتر |
ترمي بكفّي كان من أرمى البشر(٣) |
يريد : بكفّي رجل كان من أرمى البشر.
__________________
الإعراب : وما : «الواو» : بحسب ما قبلها ، «ما» : نافية غير عاملة. الدهر : مبتدأ مرفوع بالضمة. إلّا : حرف حصر. تارتان : خبر مرفوع بالألف لأنه مثنى ، و «النون» : عوض عن التنوين في الاسم المفرد. فمنهما : «الفاء» : استئنافية ، «منهما» : جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف لمبتدأ محذوف والتقدير : منهما تارة أموت فيها. أموت : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. ومنها : «الواو» : حرف عطف ، «منها» : جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف لمبتدأ محذوف كالحالة السابقة. أبتغي : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا. العيش : مفعول به منصوب بالفتحة. أكدح : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، و «الفاعل» : ضمير مستتر وجوبا تقديره : أنا.
وجملة «الدهر تارتان» : بحسب الواو. وجملة «أموت» : صفة ل «تارة» المحذوفة محلها الرفع ، وذلك على تقدير الضمير الرابط أن أموت فيها. وجملة «أكدح» : في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله : «منهما أموت» و «منهما أبتغي» حيث حذف الموصوف «تارة» لدلالة الكلام عليها.
(١) تقدم بالرقم ١١٣.
(٢) تقدم بالرقم ١١٥.
(٣) تقدم بالرقم ١١٦.