موضع المقام ، وذلك بعد أن حفر موضع المقام قدر ذراع وثلث في ذراع وثلث سخّا في الأرض ، ووجدوا الماء قد عمل في كرسي الخشب ، فأكله متقدما حتى أفسده وخرّبه ، فأمر بعمله وهو حاضر ذلك ، وأمر بفسطاط فضرب على المقام وهو حاضر ، واحضر ابن أبي مسرّة ، والعلاء بن عبد الجبّار ، وناسا من الحجبة ، فلما قرّر المقام ، وأخرج ترابه ، وكان الذي عمله وبناه رجل من أهل مكة يقال له : ابن حوار ، فصبّ النورة والمرمر ، ثم بنى ذلك بحضرته بهذه الأحجار المهندمة المنقوشة المربعة ، وجعل حجرا منها منقوشا ، فقرّر المقام عليه ، وجعل أربعة أحجار حول كرسي الحجر يلتقي بعضها على بعض فألصقت ، وقورت بينها في الإلصاق ، وأظهر منها على وجه الأرض شبرا أو أقل حول الكرسي لئلا يصل الماء إذا جاء إلى البناء ، ثم جعل كرسي الفضة وكرسي الخشب وسمّروا به ، فصار ظهور الحجارة إذا كشف المقام ذراعين ، ذراع بناء ، وذراع ارتفاع المقام.
وكان مقدار مكث المقام في الكعبة إلى أن ردّ إلى موضعه على هذا البناء شهرا واحدا ، وكان الإمام في هذه الأيام التي كان فيها الفسطاط على المقام يصلي وهو مستتر ، والناس من وراء الفسطاط ، إلا من استقبل باب الفسطاط.
وكانت على المقام قبل أن يعمل هذا العمل قبة من خشب الساج ، فلما فرغ من عمله قدرت عليه فلم تقدر ، فعملوا له قبة أخرى منقوشة مقبوة ، فهي عليه إلى اليوم.
وكان كذلك حتى كانت سنة ثمان وستين ومائتين ، فأخذ الأمير الذهب الذي كان عليه من عمل المهدي القديم ، فزاد عليه ، وعمل المقام عملا جديدا / وأقام أياما في دار الإمارة ، حتى عمل في صفر سنة تسع وستين ومائتين ، فلما فرغ من عمله حمل إلى موضعه يوم الأحد لخمس ليال مضين من شهر ربيع الأول من سنة تسع وستين ومائتين.