كانت وحياض تلبس بها) (١). وهي اليوم فضة ، ومن المقام في الحوض اصبعان ، وعلى المقام صندوق ساج مقبو ، / ومن وراء المقام ملبن من ساج في الأرض ، وفي طرفيه سلسلتان تدخلان في أسفل الصندوق ، ويقفل فيهما قفلان (٢) لا يفارقهما حتى يخرج السلطان الى الصلاة ، فإذا أقيمت الصلاة جاء القيّمان على المقام ـ وهما خادمان من خدم الكعبة ـ ففتحا القفلين ، فإذا قام الإمام في مصلاه كشفا له عن المقام حتى يصلي بالناس والمقام مكشوف ، فإذا قضى الصلاة أقفلاه إلى مثلها.
وكذلك كان حتى كان سنة احدى وأربعين ، فجاء اسحاق بن سلمة إلى مكة ، وقد أمره أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله بعمله ، فعمله عمله الذي وصفنا متقدما (٣). وانما كان المقام يكشف للخليفة ولوالي مكة لا غيرهما ، حتى كان بعد ذلك يكشف لأصحاب الشرط ، وأصحاب الحرس ، فهو على ذلك إلى يومنا هذا.
فكان المقام على ما ذكرنا حتى كانت سنة ثلاث وستين ومائتين ، وعلى مكة يومئذ الفضل بن العبّاس فمطرت مكة مطرا شديدا ، حتى سال الوادي ، ودخل السيل من أبواب المسجد ، فامتلأ المسجد ، وبلغ الماء قريبا من الحجر ، فجاء غلمان من غلمان الكعبة وخدمها إلى الفضل بن العبّاس ، فأخبروه بذلك وانهم يخافون على المقام ، فأمر برفع المقام من موضعه ، وادخاله الى الكعبة (٤) ، فلما كان بعد ذلك بأيام أمر بعمل المقام ، فجعلت له احجار أربعة ، فركب بعضها بعضا وهندمت وسويت ونقشت ورفعت على مقدار
__________________
(١) كذا في الأصل ، وجاءت العبارة عند الأزرقي ، وابن رسته (وعلى الحوض صفائح رصاص جلس بها).
(٢) إلى هذا الموضع انتهى ما ذكره الأزرقي ٢ / ٣٨ ، وابن رسته ص : ٤٠ ، فيما يتعلق بهذا المبحث ، وبعد هذا كلّه من زيادات الفاكهي.
(٣) أنظر ما سبق.
(٤) شفاء الغرام ٢ / ٢٦٤ ، واتحاف الورى ٢ / ٣٤٠.