قال : فقال له ابن الزبير : امسك عليك أبا ليلى ، فإن الشعر أهون وسائلك عندنا ، أما صفوة ما لنا فلآل الزبير ، وأما عفوته (١) فإن بني أسد ، وتيما تشغله عنك ، ولكن لك في مال الله حقان : حق برؤيتك رسول الله صلّى الله عليه وسلم وحق بشركتك أهل الإسلام في فيّهم ، ثم نهض به إلى دار النّعم ، فأعطاه قلائص سبعا ، وجملا رحيلا (٢) ، وأوقر له الركاب برّا وتمرا وثيابا ، فجعل أبو ليلى يعجل فيأكل الحب صرفا ، وابن الزبير يقول : ويح أبي ليلى لقد بلغ به الجهد ، فقال النابغة : أشهد لسمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول : ما وليت قريش فعدلت ، واسترحمت فرحمت ، وحدّثت فصدقت ، ووعدت خيرا فأنجزت ، فأنا والنبييون فرط القاصفين (٣). زاد ابن الزبير في حديثه : والقاصفون الذين يرسلون الإبل مرة واحدة.
٦٣٧ ـ وحدّثني أحمد بن محمد ، قال : ثنا ابراهيم بن المنذر ، قال : ثنا معن بن عيسى قال : بينا سعيد بن جبير يطوف بالبيت ، وبين يديه رجل اضلع يطوف بين يديه فقيل له : أتعرف هذا؟ فقال : لا ، ومن هذا؟ قال : هذا الذي يقول له الشاعر :
حميد الّذي أمج داره |
|
أخو الخمر ذو الشّيبة الأصلع |
علاه المشيب على شربها |
|
وعاش حميدا ولم ينزع |
فقال سعيد بن جبير : بل : عاش شقيا ولم ينزع.
__________________
٦٣٧ ـ إسناده منقطع ، لأن معن بن عيسى لم يدرك سعيد بن جبير.
(١) عفوته : أي ما يفضل عن النفقة. أنظر النهاية ٣ / ٢٦٥.
(٢) رحيلا : أي قويا على الرحلة معوّد عليها. كذا في هامش الكامل. أما القلائص : فهي جمع قلوص ، وهي الناقة الشابة كما في النهاية ٤ / ١٠٠.
(٣) القصف : الكسر والدفع الشديد لفرط الزحام ، يريد أنهم يتقدمون الأمم إلى الجنة ، وهم على أثرهم ، بدارا متدافعين ومزدحمين. النهاية ٤ / ٧٣.