ثم قال ـ رضي الله عنه ـ : يا عكرمة عليّ الرجل ، فلما جاء قال : أخبروني عمّا أفتيتم به هذا الرجل ، عن كتاب الله؟ قلنا : لا. قال : فعن رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قلنا : لا. قال : فعن أحد من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ قلنا : لا.
قال ـ رضي الله عنه ـ : فعمّ؟ قلنا : عن رأينا. قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : لذلك يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلم : لفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد (١) ، ثم أقبل ـ رضي الله عنه ـ على الرجل ، فقال : أخبرني إذا كان ذا منك تجد شهوة في قلبك؟ قال : لا ، قال : فإذا حذفته تجد خدرا في جسدك؟ قال : لا ، قال ـ رضي الله عنه ـ : فهذه إبردة (٢) ، عليك منها الوضوء.
وقال بعض المكّيين : إنّ الموضع الذي صلّى فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم من وجه الكعبة من قبل أن يطلى على الشاذروان الذي تحت إزار الكعبة الجص والمرمر ، عند الحجر السابع من باب الحجر الشرقي ، فإن السابع حجر طويل هو أطول السبعة ، وفيه علامة قد علّمت ، شبه النقر ، أو شبه الحفرة ، فهو الموضع (٣). وكذلك رأيته أنا في سنة اربع وستين ومائتين لما قرف الجص والمرمر عن الشاذروان ، ورأيت الكسوة التي جردت عن الكعبة اثر خلوق قد جعل في ذلك الموضع بالطول علامة لهذا الموضع ، وقد زعموا أنه الموضع الذي جعل فيه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ المقام حين ذهب به سيل أم نهشل (٤).
__________________
(١) هذا الحديث ، رواه الترمذي ١٠ / ١٥٣ ، من طريق الوليد بن مسلم به. وقال : هذا حديث غريب.
لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وابن ماجه ١ / ٨١ ، في المقدمة ـ باب : فضل العلماء ، والحثّ على طلب العلم ـ. وابن عدي في الكامل ٣ / ١٠٠٤ ، كلاهما من طريق : الوليد بن مسلم به.
(٢) الإبردة : برد في الجوف ـ أنظر لسان العرب ٣ / ٨٣.
(٣) ذكر ذلك الأزرقي ١ / ٣٥١ عن جدّه.
(٤) سيل أم نهشل سيأتي التعريف به في هذا الكتاب ، في فصل سيول مكة في الإسلام بعد الأثر رقم (١٨٦٢).