بأن يكون بعض الطرق واضح الدلالة عليه ، وبعضها أوضح ، والواضح خفى بالنسبة إلى الأوضح فلا حاجة إلى ذكر الخفاء ، ...
______________________________________________________
إيراده بطرق مختلفة الوضوح من الاستعارة أن يقال فى وصفه مثلا به : رأيت بحرا فى الدار فى الاستعارة التحقيقية ، وطم زيد بإنعامه جميع الأنام فى الاستعارة المكنية ؛ لأن الطموم وهو الغمر بالماء من أوصاف البحر ، فدل ذلك على أنه أضمر تشبيهه بالبحر فى النفس وهو الاستعارة بالكناية على ما يأتى ، ولجة زيد تتلاطم بالأمواج ؛ لأن اللجة والتلاطم بالأمواج من لوازم البحر ، وذلك مما يدل على إضمار تشبيهه به فى النفس أيضا ، وأوضح هذه الطرق الأول ، وأخفاها الوسط ومثال إيراده بطرق مختلفة الوضوح من التشبيه : زيد كالبحر فى السخاء وزيد كالبحر وزيد بحر ، وأظهرها ما صرح فيه بوجه الشبه كالأول ، وأخفاها ما حذف فيه الوجه والأداة معا كالأخير فيخاطب بكل من هذه الأوجه الكائنة من هذه الأبواب بما يناسب المقام من الوضوح والخفاء.
بقى شىء آخر وهو أن قول المصنف : مختلفة فى وضوح الدلالة عليه ، فيه إشكال وهو أن الدلالة ـ كما يأتى ـ كون اللفظ بحيث يلزم من العلم به العلم بشىء آخر ولا معنى لوصف ذلك الكون بالوضوح والخفاء ، وأجيب عن ذلك بأجوبة ، منها : أن وصف ذلك الكون بهما من وصف الشىء بما لمتعلقه ، والمراد وضوح المدلول أو خفاؤه بأن يكون قريبا بحيث يفهم بسرعة أو لا يفهم بسرعة وكأنه قيل : بطرق مختلفة الدلالة الواضح مدلولها أو الخفى مدلولها. ومنها : أن وصف الكون بذلك باعتبار أن ثبوت ذلك الكون للفظ معلوم بسرعة أو بدون سرعة وعلامة ذلك سرعة الانتقال من اللفظ إلى المدلول أو بطؤه.
(قوله : بأن يكون إلخ) يحتمل أن تكون الباء للسببية ويحتمل أنها للتصوير أى : واختلاف تلك الطرق فى وضوح الدلالة بسبب كون بعض تلك الطرق أوضح أو مصور بكون بعض تلك الطرق أوضح (قوله : فلا حاجة إلخ) أى : وإذا علمت أن المراد باختلاف الطرق فى وضوح الدلالة ما ذكرناه بقولنا : بأن يكون إلخ ، تعلم أنه لا حاجة إلى ما قاله الخلخالى حيث قدر الخفاء بعد قول المصنف : فى وضوح الدلالة عليه ، فقال : وخفائها ،