وإن كان هو المشبه به من جهة أنه أقوى وأعرف إلا أن المشبه هو الأصل من جهة أن الغرض يعود إليه وأنه المقصود فى الكلام بالنفى والإثبات (كما فى قوله : هى الشمس مسكنها فى السماء ، فعزّ) أمر من عزاه حمله على العزاء وهو الصبر (الفؤاد عزاء جميلا فلن تستطيع) أنت (إليها) أى إلى الشمس (الصعود ، ولن تستطيع) الشمس (إليك النزولا) والعامل فى إليها وإليك هو المصدر بعدهما إن جوزنا تقديم الظرف على المصدر وإلا فمحذوف يفسره الظاهر فقوله : هى الشمس ...
______________________________________________________
وحينئذ فلا معارضة بين ما ذكره المصنف من التسمية وبين ما هو معروف عندهم (قوله : وإن كان إلخ) جملة حالية (وقوله : إلا أن إلخ) هذه الجملة دالة على خبر أن والأصل ؛ لأن الأصل فى التشبيه هو المشبه من جهة أن الغرض إلخ ، وإن كان المشبه به أصلا من جهة أنه أقوى إلخ (قوله : كما فى قوله) أى : قول الشاعر وهو العباس بن الأحنف (قوله : هى الشمس) (١) مبتدأ وخبر أى : هذه الحبيبة هى الشمس ، (وقوله : مسكنها فى السماء) خبر بعد خبر أوصفه للشمس ؛ لأن تعريفها للعهد الذهنى (قوله : أمر من عزاه إلخ) أى : وحينئذ فالمعنى فاحمل فؤادك على الصبر (قوله : عزاء جميلا) أى : لا قلق معه ولا تطلب وذلك بالتنبه لعدم إمكان الوصول ؛ لأن طلب ما لا يمكن ليس من العقل فى شىء.
(قوله : فلن تستطيع إلخ) أى : لأنك لا تستطيع الوصول إلى تلك الشمس ، إذ هى فى السماء الممتنع الوصول إليها عادة (قوله : هو المصدر بعدهما) أى : وهو الصعود والنزول (قوله : إن جوزنا تقديم الظرف على المصدر) أى : على عامله المصدر وهو الحق على ما سبق له فى شرح الخطبة عند قوله : أكثرها للأصول جميعا (قوله : وإلا فمحذوف) أى : وإن لم نجوز تقديم الظرف على عامله المصدر فيكون العامل فى إليها وفى إليك محذوفا ، والتقدير فلن تستطيع أن تصعد إليها الصعود ولن تستطيع الشمس أن
__________________
(١) شرح عقود الجمان ٢ / ٤٩ ، وهو لعباس بن الأحنف فى ديوانه ص ٢٢١ ، والمصباح ١٣٩ ، وأسرار البلاغة ٢ / ١٦٨.