(وقد يجتمعان) أى التجريد والترشيح (كقوله : لدى أسد شاكى السلاح) (١) هذا تجريد لأنه وصف يلائم المستعار له أعنى الرجل الشجاع (مقذف ، له لبد أظفاره لم تقلم) هذا ترشيح ؛ لأن هذا الوصف مما يلائم المستعار منه أعنى الأسد الحقيقى واللبد جمع لبدة وهى ما تلبد من شعر الأسد على منكبيه والتقليم مبالغة القلم وهو القطع ...
______________________________________________________
فى قوة تناسى التشبيه ، حتى كأن المشبه به هو الموجود فكان ترشيحا أى : تقوية للاستعارة فتكون الاستعارة مرشحة ، ثم ينبغى أن يعلم أن الربح المنفى عنهم مستعار للانتفاع الأخروى ، وأن التجارة مستعارة لارتكابهم الضلالة واتخاذهم إياها بدلا عن الهدى ، فكونهما ترشيحا إنما هو باعتبار المعنى المراد من التركيب ، وبهذا تعلم أن الترشيح وكذا التجريد قد يكونان باعتبار المعنى المراد فى الحين ، كما فى قوله : غمر الرداء بالنسبة للتجريد ، وقد يكونان باعتبار الأصل كما فى هذا المثال بالنسبة للترشيح.
(قوله : وقد يجتمعان) أى : فى استعارة واحدة بأن يذكر معها ما يلائم المشبه فقط وما يلائم المشبه به فقط ، وأما ذكر ما يلائمهما معا فليس من قبيل اجتماعهما كما قاله سم ، قيل : والأقرب أن هذا القسم أى : قسم اجتماعهما لا يسمى بأحدهما ولا بهما ، وأنه فى مرتبة الإطلاق لتساقطهما بتعارضهما.
(قوله : كقوله) أى : قول الشاعر وهو زهير بن أبى سلمى (قوله : شاكى السلاح) أى : تامه (قوله : هذا تجريد) أى : لأن إضافة لدى إلى الأسد قرينة (وقوله : لدى أسد) خبر محذوف تقديره أنا لدى أسد أو خبر لكان المحذوفة مع اسمها أى : أنا كنت لدى أسد (قوله : مقذف) يحتمل أن المراد قذف به ورمى به فى الوقائع والحروب كثيرا ، ولا شك أن المقذف بها المعنى مخصوص بالمستعار له فيكون تجريدا مثل الوصف الذى قبله وهو شاكى السلاح ، ويحتمل أن يراد به قذف باللحم ورمى به فيكون ملائما لهما فلا يكون تجريدا ولا ترشيحا ، بل هو فى معنى الإطلاق (وقوله : له لبد) جمع لبدة وهى ما تلبد وتضامّ من شعر الأسد المطروح على منكبيه ، ولا شك أن هذا من ملائمات
__________________
(١) سبق تخريجه.