(والجامع الشكل) فإن ذلك الحيوان كان على شكل ولد البقرة (والجميع) من المستعار منه ، والمستعار له ، والجامع (حسى) أى : مدرك بالبصر.
(وإما عقلى ؛ نحو : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ)(١) فإن المستعار منه)
______________________________________________________
استعاروا حليّا من القبط لعرس عندهم ، فقال لهم : ائتونى بالحلىّ أجعل لكم الإله الذى تطلبونه من موسى ـ يعنى حين قالوا له : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ)(٢) فأتوه بذلك الحلىّ وصنع منه صورة العجل وألقى فيه ذلك التراب ، فصار الحلىّ حيوانا بلحم ودم وله خوار ـ أى : صوت كصوت العجل ـ فقال هو وأتباعه لبنى إسرائيل : هذا إلهكم وإله موسى الذى تطلبونه من موسى ، نسيه هنا وذهب يطلبه ، وكان ذلك وقت ذهاب موسى ببنى إسرائيل للمناجاة ، وسبقهم موسى طلبا لرضوان الله ، فوقعت هذه الفتنة بأثره ، قيل : إن سبب اختصاص السامرى بمعرفة ذلك : أن أمه كانت ألقته عام ولد فى كهف لينجو من ذبح فرعون ، إذ كانت ولادته فى سنة تذبيح أبناء بنى إسرائيل ، فبعث الله له فى ذلك الكهف جبريل ليربيه فعرف أثر فرسه ، وذلك لما قضى الله من الفتنة (قوله : والجامع الشكل) أى : الصورة الحاصلة فى الحيوان وولد البقرة ، إذ شكلهما أى : صورتهما المشاهدة واحدة ، إن قلت : إن كون الآية من قبيل الاستعارة فيه بحث ، إذ قوله : جسدا له خوار : صريح فى أنه لم يكن عجلا ، إذ لا يقال للبقر : إنه جسد له صوت البقر ، وقد أبدل الكل ، فظهر أنه ليس عين العجل ، فالمراد من العجل مثل العجل فهو نظير قوله تعالى : (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(٣) فإن البيان أخرجه من الاستعارة إلى التشبيه ، قلت : إن البدل إنما أخرجه عن كون المراد به العجل الحقيقى وعين أن المراد منه العجل الادعائى أعنى : الحيوان المخلوق من الحلى ، فالبدل قرينة على الاستعارة : كيرمى فى : رأيت أسدا يرمى ، بخلاف قوله : من الفجر فإنه أخرج الخيط الأبيض عن أن يكون المراد به الخيط الحقيقى وهو ظاهر ، وأخرجه عن أن يكون المراد به الخيط الادعائى أعنى : الفجر ، إذ لا يبين الشىء نفسه ، فلا بد من تقدير المثل (قوله : نحو (وَآيَةٌ لَهُمُ)) أى : وعلامة لهم على قدرة الله (وقوله : نسلخ منه النهار)
__________________
(١) يس : ٣٧.
(٢) الأعراف : ١٣٨.
(٣) البقرة : ١٨٧.