[مفارقة الاستعارة للكذب] :
(والاستعارة تفارق الكذب بالبناء على التأويل) فى دعوى دخول المشبه فى جنس المشبه به بأن يجعل أفراد المشبه به قسمين : متعارفا ، وغير متعارف ـ كما مرّ ـ ولا تأويل فى الكذب.
(ونصب) أى : وبنصب (القرينة على إرادة خلاف الظاهر) فى الاستعارة لما عرفت أنه لا بدّ للمجاز من قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له ، بخلاف الكذب ؛ فإن قائله لا ينصب قرينة على إرادة خلاف الظاهر ، بل يبذل المجهود فى ترويج ظاهره (ولا تكون) الاستعارة (علما) لما سبق من أنها تقتضى إدخال المشبه فى جنس المشبه به بجعل أفراده قسمين : متعارفا ، وغير متعارف ، ...
______________________________________________________
(قوله : والاستعارة تفارق الكذب) أى : والكلام الذى فيه الاستعارة يفارق الكلام الكاذب أى : لا يشتبه به بسبب ما ذكر من الأمرين. فقولك : جاءنى أسد يشتبه بالكلام الكاذب لو لا الوجهان ، فاندفع ما يقال : إن الاستعارة تكون فى المفرد ؛ لأنها الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له ، والكذب يكون فى الحكم ، فالمتصف بالكذب الكلام المركب المستعمل فى غير ما وضع له ، فلا اشتباه بينهما حتى يحتاج للفرق (قوله : بالبناء على التأويل) أى : بسبب بنائها على التأويل وعدم بناء الكذب عليه (قوله : فى دعوى .. إلخ) متعلق بمحذوف صفة للتأويل أى : المتحقق فى دعوى .. إلخ من تحقق العامّ فى الخاصّ ، أو أن" فى" بمعنى" من" البيانية.
(قوله : بل يبذل المجهود .. إلخ) يقال : بذل يبذل كنصر ينصر ، والمراد بالمجهود : الجهد والوسع والطاقة ، والمراد بترويج ظاهره : إظهار صحته عند السامع ومحل كون الكذب يبذل المتكلم وسعه وطاقته فى ترويج ظاهره إذا عرف عدم مطابقته وقصد إظهار صحته ، لا إن لم يقصد ذلك واعتقد الصحة (قوله : ولا تكون علما) أى : شخصيّا ؛ لأنه المتبادر من إطلاق العلم ؛ ولأن علم الجنس تجرى فيه للاستعارة كاسم الجنس ، بخلاف علم الشخص ، فلا يصح أن يشبه زيد بعمرو فى الشكل والهيئة مثلا ويطلق عليه اسمه ، وتخصيص المصنف الاستعارة بالذكر فى الامتناع يفهم منه : أن الامتناع