وعن المجاز المستعمل فيما لم يوضع له فى اصطلاح التخاطب ولا فى غيره ، ...
______________________________________________________
اللفظ للدلالة على معنى بنفسه والغلط كذلك ، فكيف يخرج؟ قلت : القصد شرط فى الوضع فهو تعيين اللفظ للدلالة على معنى قصدا ، والغلط ليس بمقصود ، واعلم : أن المراد بالغلط الخارج بالقيد المذكور الخطأ المتعلق باللسان ، أما المتعلق بالقلب فهو حقيقة إن كان الاستعمال فيما وضع له بحسب زعم المتكلم ولو غلط فى قصده كمن قال للكتاب الذى رآه من بعد : هذا أسد ، لاعتقاده أنه حيوان مفترس وإن كان الاستعمال فى غير ما وضع له بحسب زعم المتكلم فهو مجاز ـ إن كان هناك ملاحظة علاقة ـ كمن قال الكتاب الذى رآه من بعد فاعتقد أنه رجل شجاع : هذا أسد ، فإن لم يكن هناك ملاحظة علاقة فليس بمجاز كما أنه ليس بحقيقة ـ كذا قرر شيخنا العلّامة العدوى.
(قوله : وعن المجاز المستعمل .. إلخ) عطف على قوله عن الغلط ، وحاصله : أنه احترز بقوله فيما وضعت له عن شيئين ـ الأول : ما استعمل فى غير ما وضع له غلطا فليس بحقيقة كما أنه ليس بمجاز. والثانى : المجاز الذى لم يستعمل فيما وضع فى سائر الاصطلاحات ـ أعنى : اصطلاحات اللغويين والشرعيين وأهل العرف ـ وذلك كالأسد فى الرجل الشجاع فإن استعماله فيه لم يكن استعمالا فيما وضع له باعتبار اصطلاح التخاطب ولا باعتبار غيره ؛ لأن المتخاطبين إن كانا لغويين لم يكن استعمال الأسد فى الرجل الشجاع استعمالا فيما وضع له باعتبار اصطلاحهم ولا باعتبار اصطلاح غيرهم ـ أعنى : الشرعيين وأهل العرف ـ وإن كان المتخاطبان من أهل العرف فكذلك لم يكن استعمال الأسد فيه استعمالا فيما وضع له باعتبار اصطلاحهم ولا باعتبار اصطلاح غيرهم وهم اللغويون وأهل الشرع ، وكذا يقال فيما إذا كان المتخاطبان من أهل الشرع ، وأما المجاز على بعض الاصطلاحات دون بعض فهو خارج من التعريف بالقيد الآتى.
بقى شىء وهو : أن قوله فيما وضعت له كما أخرج الشيئين المذكورين أخرج أيضا الكذب كما قال قائل للحجر هذا ماء مثلا متعمدا لذلك القول وليس ملاحظا لعلاقة ، وليس ثمّ قرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقى كان كذبا وصدق عليه أنه مستعمل فى غير ما وضع له فهو خارج بهذا القيد أيضا ، لكن الشارح سكت عن إخراجه ؛ لأنه