عطف على قوله : إما واحد ، وإما بمنزلة الواحد ، والمراد بالتعدد : أن ينظر إلى عدة أمور ، ويقصد اشتراك الطرفين فى كل منها ليكون كل منها وجه شبه ، بخلاف المركب المنزل منزلة الواحد ؛ فإنه لم يقصد اشتراك الطرفين فى كل من تلك الأمور ،
______________________________________________________
فى حد ذاته ، بل هو هيئة يلاحظها من اجتماع أمور بحيث لا يصح التشبيه إلا باعتبار تعلقها بمجموع الأجزاء كالهيئة المنتزعة فى قول الشاعر :
كأنّ مثار النقع فوق رءوسنا |
|
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه (١) |
فإن وجه الشبه على ما يأتى هو الهيئة الحاصلة من هوى أجرام مشرقة على وجه مخصوص فى جنب شىء مظلم ، فإن من المعلوم أنه يلتئم من المجموع حقيقة واحدة ، ولكن تلك الهيئة وإن اعتبر فيها متعدد ، لكنها كالشىء الواحد فى عدم استقلال كل جزء منها فى التشبيه ، ثم إن ما ذكره الشارح من التعميم فى المركب من متعدد هو ظاهر المصنف ويشعر به كلام المفتاح الذى هو أصل لهذا المتن. قال فى المطول : وما يشعر به كلام المفتاح من التعميم فيه نظر ستعرفه ، وحاصله : أن المركب تركيبا حقيقيّا كالحقيقة الملتئمة من عدة أمور من قبيل الواحد لا من قبيل ما هو منزل منزلة الواحد ، فالأولى قصر المركب من متعدد على المركب تركيبا اعتباريّا (قوله : عطف على قوله إما واحد وإما بمنزلة الواحد) ظاهره أنه عطف على مجموع الأمرين ؛ وذلك لأنهما بمنزلة شىء واحد ، فكأنه قيل وجه الشبه إما غير متعدد وإما متعدد وغير المتعدد صادق بالأمرين أعنى الواحد والمنزل منزلته ، فلما كان بمنزلة الشىء الواحد صح العطف على مجموعهما ـ كذا قرر شيخنا العدوى ، والذى فى المطول : أن قوله وإما متعدد عطف على قوله : إما بمنزلة الواحد ، وحينئذ تؤول تلك المنفصلة ذات الأجزاء الثلاثة إلى منفصلتين ذاتى جزئين ، لأن الحكم الانفصالى لا يمكن أن يتحقق إلا بين أمرين فكأنه قال وجه الشبه إما بواحد أو غيره ، وغير الواحد إما بمنزلة الواحد أو متعدد (قوله : أن ينظر) أى : ذو (٢) أن ينظر (قوله : إلى عدة أمور) أى : اثنين فأكثر (قوله : ليكون كل منها وجه شبه) أى : وهذا إنما يكون إذا كان التشبيه فى أمور كثيرة لا يتقيد
__________________
(١) البيت لبشار بن برد ، ديوانه ١ / ٣١٨ ، والمصباح ص ١٠٦.
(٢) كذا بالمطبوعة.