فمجرد التغليب لا يصحح استعمال إن هاهنا بل لا بد من أن يقال : لما غلب صار الجميع بمنزلة غير المرتابين فصار الشرط قطعى الانتفاء فاستعمل فيه إن على سبيل الفرض والتقدير للتبكيت والإلزام كقوله تعالى : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا)(١) و (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ)(٢).
[استطراد إلى التغليب] :
(والتغليب) باب واسع يجرى ...
______________________________________________________
(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(٣) (قوله : فمجرد إلخ) هذا هو البحث السابق أعاده ليرتب عليه الجواب وهو قوله : بل لا بد إلخ ، وقوله : بل لا بد إلخ أى : بل يجب الجواب بذلك بناء على تفسير التغليب بما ذكره الشارح هنا فلا ينافى أنه على تفسيره بما قلناه سابقا نقلا عن المطول لا يجب ذلك إذ لا إشكال ، (قوله : فاستعمل فيه إن على سبيل الفرض والتقدير) أى : بأن نزل الريب المقطوع بعدمه منزلة المشكوك فيه ففيه تنزيلان.
الأول : تنزيل المرتابين منزلة غير المرتابين بسبب تغليبهم عليهم ، والثانى : تنزيل الريب المقطوع بعدمه منزلة المشكوك فيه (قوله : للتبكيت) أى : لأجل إسكات الخصم وإلزامه بما لا يقول به ؛ وذلك لأن الخصم إذا تنزل مع خصمه إلى إظهار مدعاه المحال فى صورة المشكوك فى وقوعه اطمأن لاستماعه منه ، فيرتب له على ذلك لازما مسلم الانتفاء فيسكت الخصم ويسلم ويلتزم بما كان لا يقول به كما تقدم (قوله : فإن آمنوا إلخ) أى : فإن آمن الذين على غير دينكم بمماثل دينكم فى الحقيقة فقد اهتدوا ، ولا شك أن وجود دين غيره حقا محال فنزل قطعى الانتفاء منزلة المشكوك فيه ، واستعمل فيه إن على سبيل الفرض والتقدير (قوله : قل إن كان للرحمن ولد إلخ) أى : فكون الرحمن له ولد محال ، فنزل ذلك الأمر المقطوع بانتفائه منزلة المشكوك فيه ، واستعمل فيه إن على سبيل الفرض والتقدير (قوله : والتغليب إلخ) قال صاحب البيان : هو ترجيح أحد المعلومين على الآخر فى إطلاق لفظه عليهما والقيد الأخير لإخراج
__________________
(١) البقرة : ١٣٧.
(٢) الزخرف : ٨١.
(٣) المائدة : ١٦١.