على أن هنا حذفا ؛ إذ الأحكام الشرعية إنما تتعلق بالأفعال دون الأعيان ، والمقصود الأظهر من هذه الأشياء المذكورة فى الآية تناولها الشامل للأكل وشرب الألبان ؛ فدل على تعيين المحذوف. وفى قوله : [منها أن يدل] أدنى تسامح ؛ فكأنه على حذف مضاف.
______________________________________________________
عبارة عن طلب الترك ولا معنى لطلب ترك الأعيان بدون ملاحظة تناولها ونحوه (قوله : على أن هنا حذفا) أى : شيئا محذوفا وهو محتمل ؛ لأن يقدر حرم عليكم أكلها أو الانتفاع بها أو تناولها أو قربانها أو التلبس بها.
(قوله : إنما تتعلق بالأفعال) أى : أفعال المكلفين وهو الحق ، إذ لا معنى لتعلق التكليف بالذوات لعدم القدرة عليها ، وقوله دون الأعيان أى : دون الذوات كما هو ظاهر الآية ، فإن مدلولها تحريم ذوات الميتة وما معها وما ذكره من الأحكام إنما تتعلق بالأفعال لا بالذوات هو مذهب المعتزلة والعراقيين من أهل السنة ، وأما على مذهب الحنفية فتتعلق الأحكام بالأعيان حقيقة فإن بنى على مذهبهم فلا حذف فى الكلام (قوله : والمقصود الأظهر من هذه الأشياء المذكورة فى الآية) وهى الميتة والدم ولحم الخنزير (قوله : تناولها) إنما كان التناول هو المقصود الأظهر من هذه الأشياء نظرا للعرف والعادة فى استعمال هذا الكلام فإن المفهوم عرفا من قول القائل حرم عليكم كذا تحريم تناوله ؛ لأنه أشمل وأدل على المقصود بالتحريم (قوله : فدل) أى : كون التناول مقصودا أظهر على تعيين المحذوف أى : وهو لفظ تناول (قوله : أدنى تسامح) أى : تسامح أدنى أى : منحط وقريب وسهل ؛ وذلك لأن أن يدل بمعنى الدلالة والدلالة ليست من الأدلة ، بل صفة للدليل ، وإنما عبر بأدنى لإمكان الجواب عنه بسهولة (قوله : فكأنه على حذف مضاف) هذا تصحيح لعبارة المصنف ، ثم إن هذا المضاف المحذوف يصح أن يقدر فى آخر الكلام ، وحينئذ فيكون الأصل منها ذو أن يدل العقل أى : منها صاحب دلالة العقل وصاحب الدلالة المذكورة هو العقل ويصح أن يقدر فى أوله ، وحينئذ فيكون الأصل ودلالة أدلته كثيرة منها أى : من تلك الدلالات دلالة العقل ، لكن فى هذا الثانى نظر ؛ لأن المقصود تقسيم الأدلة لا دلالتها ـ فتأمل. وإنما أتى الشارح