(والأول والثانى) فيما يعم المحسوسات والمعقولات ، فإن الأول : هو الذى يكون سابقا على الغير ، ولا يكون مسبوقا بالغير. والثانى : هو الذى يكون مسبوقا بواحد فقط ، فأشبها المتضادين باعتبار اشتمالهما على وصفين لا يمكن اجتماعهما ، ولم يجعلا متضادين ، كالأسود والأبيض ؛ لأنه قد يشترط فى المتضادين أن يكون بينهما غاية الخلاف ، ولا يخفى أن مخالفة الثالث والرابع وغيرهما للأول أكثر من مخالفة الثانى له ، مع أن العدم معتبر فى مفهوم الأول ، فلا يكون وجوديا.
______________________________________________________
جرم مخصوص لم يراع فيه الانحطاط ، ولكونهما لازمين جعلا شبيهين بالمتضادين ، وعلى تسليم إشعار السماء بالسمو ، وأنه لم يتناس فيها ، فالأرض لا تشعر بالانحطاط الذى هو المقال الآخر (قوله : والأول والثانى) أى : وكشبه التضاد الذى بين مفهوم لفظ الأول ومفهوم لفظ الثانى ، فيقال المولود الأول سابق والثانى مسبوق ، ونحو الأب أول والابن ثان (قوله : المحسوسات) كما مثل والمعقولات كقولهم علم الأب أول وعلم الابن ثان (قوله : فإن الأول) أى : وإنما كان بين مفهوميها شبه تضاد فإن مفهوم لفظ الأول (قوله : هو الذى يكون سابقا على الغير) أى : سواء كان محسوسا أو معقولا ، (وقوله : يكون سابقا على الغير) أى : على فرض أن لو وجد غير (قوله : والثانى) أى : ومفهوم لفظ الثانى (قوله : فقط) هو بمعنى لا غير فبهذا الاعتبار صار مفهوم الثانى محتويا على قيدين أحدهما وجودى والآخر عدمى كما أن مفهوم الأول كذلك (قوله : فأشبها المتضادين) أى : كالأبيض والأسود (قوله : على وصفين لا يمكن اجتماعهما) وهما عدم المسبوقية أصلا والمسبوقية بواحد (قوله : لأنه قد يشترط إلخ) أى : كما هو أحد القولين وإن كان الشارح أسقطه سابقا فى تعريف الضدين كما فى أكثر النسخ ، وأشار الشارح بقد إلى قلة هذا الاشتراط لقلة القائلين به وإلى ضعف القول به (قوله : ولا يخفى إلخ) علة لمحذوف أى : وهذا الشرط غير موجود هنا ؛ لأنه لا يخفى إلخ (قوله : مع أن العدم إلخ) رد ثان (قوله : فلا يكون وجوديا) أى : وحينئذ فلا يكونان ضدين ؛ لأنهما الأمران الوجوديان ، وظاهر هذا أن التقابل بينهما تقابل السلب والإيجاب أو العدم والملكة ، وعبارة المطول مع أن العدم معتبر فى مفهوميهما فلا يكونان وجوديين وهى ظاهرة أيضا ، أما اعتبار العدم فى مفهوم الأول فظاهر ؛ لأنه قال فيه : ولا يكون مسبوقا بشىء