عند الأمر بشىء بعد الأمر بخلافه إلى تغيير) الأمر (الأول دون الجمع) بين الأمرين (وإرادة التراخى) فإن المولى إذا قال لعبده قم ، ثم قال له قبل أن يقوم : اضطجع حتى المساء يتبادر الفهم إلى أنه غير الأمر بالقيام إلى الأمر بالاضطجاع ، ولم يرد الجمع بين القيام والاضطجاع ...
______________________________________________________
الفورية سبب سوى كونهما للطلب مع اشتراط إمكان المطلوب والأمر كذلك ، فيشاركهما فى اقتضاء الفورية ، ولا يقال : إن هذا قياس فى اللغة ، واللغة لا تثبت بالقياس على التحقيق ؛ لأنا نقول ليس المراد القياس به ، بل المراد أن هذا قرينة مقوية على أن حقه الفور ـ كذا ذكره الشيخ يس ، واعترضه العلامة اليعقوبى : بأن الأمر إن لم يكن مقيسا عليهما. فلا معنى لدلالتهما على أن الأمر يعتبر فيه ما يعتبر فيهما.
(قوله : عند الأمر بشىء) أى : بفعل من الأفعال (قوله : بخلافه) أى : بضده كما يظهر من تمثيل الشارح ، وقوله بعد الأمر بخلافه أى : وقبل فعل ذلك الخلاف (قوله : إلى تغيير الأمر الأول) متعلق بتبادر أى : يتبادر الفهم فيما ذكر إلى تغيير المتكلم بالصيغة الأمر الأول بالأمر الثانى (قوله : دون الجمع وإرادة التراخى) أى : من غير أن يتبادر أن المتكلم أراد الجمع بين الفعلين المأمور بهما ومن غير أن يتبادر أن المتكلم أراد جواز التراخى فى أحد الأمرين حتى يمكن الجمع بينهما ، وبهذا تعلم أن الجمع والتراخى متقاربان ؛ لأنه متى جاز التراخى أمكن الجمع ؛ لأن أحد الأمرين أو كلاهما على التراخى ، ويلزم من تغيير الأول كونه على الفور حيث غيره بما يعقبه فيثبت به المطلوب من كونه على الفور ـ كذا قرر ابن يعقوب ، ومقتضى كلام الشارح أن المعنى من غير أن يتبادر أن المتكلم أراد الجمع بين الأمرين مع إرادة تراخى أحدهما (قوله : حتى المساء) أى : إلى المساء فهى غاية والغاية لا بد لها من مبدأ والمناسب هنا أن مبدأها عقب ورود الصيغة أى : اضطجع زمانا طويلا من هذا الوقت إلى المساء ، وإنما قيد بذلك ليتحقق التراخى ، فإنه إذا قال : قم ، ثم قال : اضطجع ، وفعل العبد كليهما على التعاقب يكون ممتثلا على الفور ، بخلاف ما إذا أمره بعد الأمر بالقيام بالاضطجاع زمانا ، فإنه يفهم منه أنه غير الأمر الأول بالأمر الثانى ، ويلزم من تغيير الأول أنه على الفور حيث غيره بما ينفيه.