(والتهديد) أى : التخويف وهو أعم من الإنذار لأنه إبلاغ مع التخويف ،
______________________________________________________
فأبيح له مجالستهما وتفارق الإباحة التخيير الذى قد تستعمل فيه صيغة الأمر أيضا ، ويمثلون له بنحو هذا التركيب بأنه لا يجوز الجمع بين الأمرين فى التخيير دون الإباحة ، ثم إن ظاهر المصنف كالأصوليين أن مفيد الإباحة هو الصيغة وأو على هذا قرينة على ذلك وعند النحويين أن مفيد الإباحة أو ، ولكن التحقيق أن المستفاد من الصيغة مطلق الإذن ، والمستفاد من أو الإذن فى أحد الشيئين أو الأشياء ، وما وراء ذلك من جواز الجمع بينهما وامتناعه إنما هو بالقرائن (قوله : والتهديد) وذلك إذا استعملت صيغة الأمر فى مقام عدم الرضا بالمأمور به والعلاقة بين الطلب والتهديد الموجبة لاستعمال لفظه فيه ما بينهما من شبه التضاد باعتبار المتعلق ؛ وذلك لأن المأمور به إما واجب ، أو مندوب ، والمهدد عليه إما حرام ، أو مكروه ، ولهذا يقال التهديد لا يصدق إلا مع المحرم والمكروه ، وقرر بعضهم : أن العلاقة بينهما السببية ؛ لأن إيجاب الشىء يتسبب عنه التخويف على مخالفته أو المشابهة بجامع ترتب العذاب على كل من الأمر والتهديد عند الترك ، ولا يخفى تقرير الاستعارة (قوله : أى التخويف) يعنى مطلقا سواء كان بمصاحبة وعيد مبين أو مجمل ، فالأول كأن يقول السيد لعبده : دم على عصيانك ، فالعصا أمامك ، والثانى كما فى قوله تعالى : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ)(١) أى : فسترون منا ما هو أمامكم ، فهذا يتضمن وعيدا مجملا ، وإنما كان هذا تهديدا لظهور أنه ليس المراد أمرهم بكل عمل شاءوا ؛ ولأن قرائن الأحوال دالة على أن المراد الوعيد لا الإهمال (قوله : وهو أعم من الإنذار) أى : فيكون الإنذار داخلا فى التهديد ، فلذا لم ينص عليه (قوله : لأنه إبلاغ إلخ) أى : لأن الإنذار إبلاغ مصحوب بالتخويف وكان الأوضح ؛ لأنه تخويف مع إبلاغ ، وذلك كما قيل فى قوله تعالى : (قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)(٢) فصيغة تمتعوا مع ما بعدها تخويف بأمر مع إبلاغه عن الغير ، والتهديد هو التخويف مطلقا سواء كان مصحوبا بإبلاغ أو لا بأن كان من عند نفسه فيكون أعم من الإنذار ؛ لأنه تخويف مقيد والمقيد
__________________
(١) فصلت : ٤٠.
(٢) إبراهيم : ٣٠.