أى : على طريق طلب العلو وعد الآمر نفسه عاليا ، سواء كان عاليا فى نفسه أم لا (لتبادر الفهم عند سماعها) أى : سماع الصيغة (إلى ذلك المعنى) أعنى : الطلب باستعلاء ، والتبادر إلى الفهم من أقوى أمارات الحقيقة ...
______________________________________________________
الأظهر عند المصنف كون الصيغة موضوعة للقدر المشترك بين الوجوب والندب ـ كذا فى الفنرى.
(قوله : أى على طريق طلب العلو) فيه إشارة إلى أن نصب استعلاء بترع الخافض مع تقديره مضاف ، ويحتمل أنه مفعول مطلق على حذف مضاف أى : طلب استعلاء ويحتمل أنه تمييز ، ويؤيده قولهم على جهة الاستعلاء ، ويحتمل أن يكون حالا من فاعل المصدر المحذوف بالتأويل باسم الفاعل.
قال بعضهم : إذا تأملت فى قولهم صيغة الأمر ما دل على طلب الفعل استعلاء وجدته لا يخلو عن بحث ؛ لأنه إن أريد بالطلب الكلام النفسى كان لهذه الصيغة الإنشائية حينئذ معنى خارجى فتكون خبرا ، وإن أريد به الطلب اللفظى كان هو نفس الصيغة فيلزم اتحاد الدال والمدلول ورد بأنا نختار الأول ، ولا نسلم أن تلك الصيغة تكون خبرا حينئذ ؛ لأنها وإن كان لها معنى خارجى ، لكنه لم يقصد موافقة اللفظ له وحكايته به بخلاف الخبر ، فإنه لا بد فيه من ذلك كما مر (قوله : طلب العلو) هذا على أن السين والتاء للطلب ، وقوله : وعد إلخ إشارة إلى أنها للعد كما تقول استحسنت هذا الأمر أى : عددته حسنا ، ففى كلامه إشارة لجواز الوجهين ، وكان الأوضح فى هذه الإشارة العطف بأو كما فى الأطول وعد الآمر نفسه عاليا بإظهار القوة والغلظة فى كلامه دون التواضع والخضوع فدخلت أوامر الله سبحانه وتعالى (قوله : والتبادر إلى الفهم) أى : تبادر المعنى من اللفظ للفهم (قوله : من أقوى أمارات الحقيقة) أى : من أقوى أمارات كون اللفظ حقيقة ، واعترض هذا الدليل بأن المجاز الراجح يتبادر معناه من اللفظ للفهم ، ولا يدل ذلك التبادر على كونه حقيقة ؛ لأن التبادر أصله كثرة الاستعمال ، وأجيب بأن التبادر فى المجازات افتقر فيه إلى قرينة مصاحبة زيادة على كثرة الاستعمال والتبادر فى الحقيقة لا يفتقر للقرينة ، فالمراد بالتبادر فى كلام المصنف الذى لم يفتقر لقرينة بقى شىء