والاعتبار المناسب هو الإشعار بعظم هذا الأمر فى نفوسهم ، وشدة حرصهم على بقائه عندهم.
______________________________________________________
منزلة جهلهم به ؛ لأن الإنكار يستلزم الجهل ، وبهذا اندفع ما يقال : إن الملائم لدعوى تنزيل المعلوم منزلة المجهول تنزيل علمهم بهلاكه منزلة الجهل لاستعظامهم إياه لا تنزيل استعظامهم منزلة إنكارهم إياه ـ قاله يس. ولما نزل استعظامهم لهلاكه منزلة الإنكار الذى يحتاج إلى تأكيد النفى استعمل لذلك الاستعظام المنزل منزلة إنكارهم النفى والاستثناء ، ووجه تنزيل استعظام الهلاك منزلة إنكاره أن مستعظم الشىء الحريص على عكسه لو أمكنه نفى ذلك الشىء لنفاه ، فهو كالنافى على وجه الرضا والمحبة ، وأصل التنزيل تشبيه الشىء بالشىء ، فلما شبهوا بالنافى على وجه الرضا ناسب تنزيلهم منزلة المنكرين ، فخوطبوا برد ذلك الإنكار المقدر لأجل الاعتبار المناسب وهو الإشعار بأنهم فى غاية الحرص على حياته والاستعظام لموته الذى ينزلون بسببه منزلة المنكرين ـ كذا فى ابن يعقوب ، وقرر شيخنا العدوى : أن المنزل منزلة المجهول المنكر قيام الهلاك به المعلوم لهم لاستعظامهم إياه لا أن المنزل الاستعظام ، وهذا هو المناسب لقول المصنف وقد ينزل إلخ : فكان المناسب لقوله ، وقد ينزل إلخ : أن يقول نزل المعلوم وهو عدم التبرى من الهلاك أعنى قيام الهلاك به منزلة المجهول ، فاستعمل النفى والاستثناء ، وسبب التنزيل استعظامهم إياه ليكون الكلام على نسق واحد (قوله : والاعتبار المناسب) أى : لمقام الرسالة هنا (قوله : وشدة حرصهم) أى : وحرصهم الشديد الذى ينزلون بسببه منزلة المنكرين ، وأنهم بحيث يخاطبون بهذا الخطاب التنزيلى ردا لهم عما عسى أن ينبنى على ذلك الاستعظام مما ينبنى ، وقد وقع من بعض الصحابة يوم وفاته ـ عليه الصلاة والسّلام ـ ذلك البناء حيث أنكر الوفاة ، وشغله ذلك الإنكار عما يقتضيه الحال من الشغل بإقامة الدين من بعده ـ عليه الصلاة والسّلام ـ وكان يقول والله لا أسمع رجلا قال : مات رسول الله إلا فعلت به كذا وكذا ، وقال بعضهم : إنما ذهب لمناجاة (١) ربه كموسى حتى أتى المتمكن الصديق
__________________
(١) فى المطبوع : لماجاة.