لأنه لا يقصد به أن المهر شر ، لا شران ، وهذا ظاهر (وإذ قد صرح الأئمة بتخصيصه حيث تأولوه بما أهر ذا ناب إلا شر فالوجه) أى : وجه الجمع بين قولهم بتخصيصه وقولنا بالمانع من التخصيص (تفظيع شأن الشر بتنكيره) أى : جعل التنكير للتعظيم والتهويل ...
______________________________________________________
(قوله : لأنه لا يقصد إلخ) وذلك لأن هذا الكلام إنما يقال فى مقام الحث على شدة الحزم لدفع هذا الشر ، والتحريض على قوة الاعتناء بدفعه لعظمه ، وكون المهر شرا لا شرين مما يوجب تساهل المخاطب فى دفعه وقلة الاعتناء ، وحينئذ فلا يصلح قصده من ذلك الكلام (قوله : وإذ قد صرح الأئمة إلخ) الظرف متعلق بمحذوف أى ولزم طلب وجه للتخصيص وقت تصريح الإئمة إلخ حيث تأولوه أى : لأنهم تأولوه أى : شر أهر ذا ناب أى : فسروه (قوله : بما أهر ذا ناب إلا شر) أى : ولا شك أن ما وإلا يفيدان الاختصاص (قوله : فالوجه) يجوز أن تكون الفاء للتفريع على متعلق الظرف الذى قدرناه أو أنه أجرى إذ مجرى إن لمرافقته إياه فى الحركة والسكون وعدد الحروف ، فأدخل الفاء فى جوابه كما قالوا فى قوله تعالى (فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللهِ هُمُ الْكاذِبُونَ)(١) ومحصل ما فى المقام أن السكاكى ذكر أن فى : " شر أهر ذا ناب" مانعا من التخصيص ، والنحويون تأولوا هذا الكلام بما أهر ذا ناب إلا شر ، ولا شك أن ما وإلا يفيدان الاختصاص ، فبين الكلامين تناقض ، فأشار المصنف إلى الجمع بين الكلامين بأن التخصيص الذى نفاه السكاكى تخصيص الجنس أو الفرد وما قاله النحاة تخصيص النوع ، فلا منافاة لعدم توارد النفى والإيجاب على شىء واحد (قوله : أى وجه الجمع إلخ) فى الحقيقة الوجه المطلوب إنما هو لإفادة المثال التخصيص ، وإن كان يلزم ذلك الجمع بين الكلامين ـ قرره شيخنا العدوى.
(قوله : وقولنا بالمانع من التخصيص) أى : قول السكاكى ذلك ؛ لأن قوله : وإذ قد صرح إلخ : من كلامه (قوله : بتنكيره) أى : بسبب تنكيره أى : إن تفظيع شأن الشر
__________________
(١) النور : ١٣.