وليس كل ما أفاد أنه عالم بالحكم أفاد نفس الحكم ؛ لجواز أن يكون الحكم معلوما قبل الإخبار ؛ ...
______________________________________________________
أى : كل خبر أفاد المخاطب الحكم أفاد أنه أى : المخبر عالم به أى : بذلك الحكم ، وأشار الشارح بهذا إلى أن اللزوم ليس باعتبار ذات العلم وذات الحكم ؛ لأنه لا تلازم بينهما ، إذ قد يتحقق الحكم ولا يعتقده المتكلم ، بل باعتبار الإفادة بمعنى أن إفادة الأول لازمة لإفادة الثاني ، لا من حيث ذاتهما ، إذ لا تلازم بينهما ، وأورد على هذه الكلية أنها منقوضة بخبر الله تعالى ، فإنه يفيد الحكم ولا يفيد أنه عالم به ؛ لأن كونه عالما معلوم لنا قبل الخبر فلم نستفده من الخبر ، وجوابه أن المعلوم لنا قبل الخبر ، وجوابه أن المعلوم لنا قبل الخبر هو العلم الذى يسمى مثله عندنا تصورا وليس هو المقصود ، بل المقصود إفادته بالخبر العلم الذى يسمى نظيره عندنا تصديقا ولا يستفاد إلا من الخبر ؛ لأنه تعالى لا يعلم جميع الأشياء على الوجه الذى نسميه تصديقا بدليل الكواذب فإنه يعلمها ، وليست على هذا الوجه قطعا فعلمه بالشىء على وجه نسميه تصديقا لا نعلمه إلا من خبره.
بقى شىء آخر وهو أنه قد يمنع اللزوم مطلقا ؛ لأن المخاطب قد يغفل عن كون المتكلم عالما أو يخبر بالحكم وهو شاك أو جاهل ، فلم تكن إفادة أنه عالم لازمة لإفادة نفس الحكم ، والجواب أن المراد اللزوم فى الجملة أى : أن ذلك اللزوم بالنظر للغالب والجارى على العرف ؛ لأنه عند سماع الخبر الشأن حصوله فهو فى حكم المعلوم بالضرورة (قوله : وليس كل ما أفاد إلخ) أى : ليس كل خبر أفاد أن المتكلم عالم بالحكم ، وفى هذا إشارة إلى أن اللزوم ليس من الجانبين ، وحينئذ فهو لازم أعم : كلزوم الضوء للشمس ، فيلزم من وجود الملزوم وجوده ولا يلزم من وجوده وجود الملزوم ، وهذا بخلاف اللازم المساوى : كقبول العلم وصنعة الكتابة (قوله : لجواز أن يكون الحكم معلوما قبل الإخبار) أى : فالخبر حينئذ إنما أفاد لازم الفائدة ولم يفد الفائدة. إن قلت : إن الفائدة تحضر فى ذهن المخاطب حال إفادة اللازم ، فإفادة اللازم تستلزم إفادة الفائدة أيضا ـ أجيب بأن حضورها حال إفادة اللازم المجهول ليس بعلم جديد ، بل هو