(وإلى تمييز) الكلام (الفصيح من غيره) وإلا لربما أورد الكلام المطابق لمقتضى الحال بلفظ غير فصيح فلا يكون بليغا لوجوب وجود الفصاحة فى البلاغة ، ويدخل فى تمييز الكلام الفصيح من غيره تمييز الكلمات الفصيحة من غيرها ...
______________________________________________________
الاحتراز مرجعا أدى المعنى المراد بلفظ فصيح غير مطابق وكان بليغا أى : مع أنه ليس بليغا ، وعبارة عبد الحكيم قوله : وإلا لربما أدى إلخ أى : وإن لا يكن مرجع البلاغة للاحتراز المذكور لجاز حصول البلاغة بدون الاحتراز أى : مع الخطأ فى التأدية وحينئذ فلا يكون مطابقا لمقتضى الحال ، فلا يكون بليغا ، هذا خلف ـ فتدبر.
(قوله : وإلى تمييز الفصيح إلخ) كان الأحسن فى المقابلة أن يقول : وإلى الاحتراز عن أسباب الخلل فى الفصاحة ؛ لأنه أنسب بالمقابل لفظا ومعنى ، أما الأول : فلأن المقابل لفظ الاحتراز ، وأما الثاني : فلأن التمييز يشمل التمييز فى الذهن فقط بأن يعلم الفصيح من غيره من غير تكلم بالفصيح ، وليس بمراد ؛ لأنه لا يلزم من العلم والتمييز بين الفصيح وغيره الإتيان بالفصيح ، والبلاغة إنما تتوقف على الإتيان بالفصيح بالفعل ، بخلاف الاحتراز عن الأسباب المخلة بالفصاحة ، فإنه خاص بالثاني ، ويمكن الجواب عن عدم المناسبة المعنوية : بأن المراد التمييز بحسب الوجود الخارجى بأن يؤتى بالكلام فصيحا ، لا بحسب العلم ، أو يقال قوله : وإلى تمييز الفصيح ، أى : فيؤتى به ، وقوله من غيره أى : فلا يؤتى به ، فأطلق المصنف التمييز وأراد به ما يترتب عليه بحسب العادة فآل الأمر إلى قولنا : إن مرجعها الكلام الفصيح المتميز ، أى : المعروف (قوله : وإلا لربما إلخ) أورد عليه ما تقدم إيرادا وجوابا أى : وإن لا يوجد تمييز فلا يكون بليغا ؛ لأنه ربما أورد إلخ ، أو وإلا يكن مرجعها للتمييز ، فلا يصح ؛ لأنه ربما إلخ ، ويرد على الأول هنا ما ورد على الأول سابقا ، وكذا يرد على الثانى هنا ما ورد على الثانى سابقا وعبارة بعضهم أى : وإن لم يحصل التمييز بأن لم يتميز الفصيح من غيره وأتى الكلام اتفاقيا أمكن أن يؤتى به غير فصيح فتنفى البلاغة ، بل الغالب ذلك وعبر هنا بالإيراد : لأن الورود من صفات الألفاظ ، وفيما تقدم بأدى ؛ لأن التأدية من صفات المعانى (قوله : بلفظ غير فصيح) أى : كما لو قيل : أنفك مسرج ، وشعرك مستشزر ، فهذا مطابق إلا أنه غير فصيح (قوله : ويدخل إلخ)