قائمة الکتاب
الكلام في المعاني مفردة
٢٢٣
إعدادات
سرّ الفصاحة
سرّ الفصاحة
المؤلف :أبي محمّد عبد الله بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي
الموضوع :اللغة والبلاغة
الناشر :دار الفكر ناشرون وموزعون
الصفحات :327
تحمیل
يخالف على الصحة ، والأصل في هذه المناسبة فإن لها تأثيرا قويا في الحسن ، ومن أمثلة ذلك في النظم قول الطّرمّاح :
أسرناهم وأنعمنا عليهم |
|
وأسقينا دماءهم الترابا (١) |
فما صبروا لبأس عند حرب |
|
ولا أدّوا لحسن يد ثوابا |
وهذه مقابلة صحيحة (٢).
ومن ذلك أيضا قول الآخر :
جزى الله خيرا ذات بعل تصدقت |
|
على عزب حتى يكون له أهل |
فإنا سنجزيها بمثل فعالها |
|
إذا ما تزوجنا وليس لها بعل |
وهذه أيضا مقابلة صحيحة ، لأنه جعل في مقابلة أن تكون المرأة ذات بعل وهو لا زوج له أن يكون ذا زوج وهي لا بعل لها ، وقابل حاجته وهو عزب بحاجتها وهي عزبة.
ومن أمثلة ذلك في النثر قول أبي إسحاق الصابي : (وأن يخلّد في بطون الصحائف غلطنا وغلطك ، في إحساننا وإساءتك ، وحفظنا وإضاعتك). وكتب بعضهم في كتاب له : (ولو أن الأقدار إذ رمت بك من المراتب إلى أعلاها ، بلغت من أفعال السؤدد إلى ما وازاها ، فوازيت بمساعيك مراقيك ، وعادت النعمة بك بالنعمة فيك ، ولكنك قابلت سموّ الدرجة بدنوّ الهمّة ، ورفيع الرتبة بوضيع الشيمة ، فعاد علوّك بالاتفاق ، إلى حال دنوّك بالاستحقاق ، وصار جناحك في الانتهاض ، إلى مثل ما عليه قدرك في الانخفاض ، ولا لوم على القدر إذا أذنب فيك وأناب ، وغلط فعاد إلى الصواب) ، وهذا كلام معانيه متقابلة على الصحة ، ومن ذلك قول هند بنت النعمان : شكرتك يد نالتها خصاصة بعد نعمة ، ولا ملكتك يد نالت ثروة بعد فاقة.
__________________
(١) انظر «المعجم المفصل» (١ / ٩٦).
(٢) لأنه جعل بإزاء أن سقوا دماءهم التراب وقاتلوهم أن يصبروا ، وبإزاء أن أنعموا عليهم أن يثيبوا.