إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

سرّ الفصاحة

255/327
*

يخالف على الصحة ، والأصل في هذه المناسبة فإن لها تأثيرا قويا في الحسن ، ومن أمثلة ذلك في النظم قول الطّرمّاح :

أسرناهم وأنعمنا عليهم

وأسقينا دماءهم الترابا (١)

فما صبروا لبأس عند حرب

ولا أدّوا لحسن يد ثوابا

وهذه مقابلة صحيحة (٢).

ومن ذلك أيضا قول الآخر :

جزى الله خيرا ذات بعل تصدقت

على عزب حتى يكون له أهل

فإنا سنجزيها بمثل فعالها

إذا ما تزوجنا وليس لها بعل

وهذه أيضا مقابلة صحيحة ، لأنه جعل في مقابلة أن تكون المرأة ذات بعل وهو لا زوج له أن يكون ذا زوج وهي لا بعل لها ، وقابل حاجته وهو عزب بحاجتها وهي عزبة.

ومن أمثلة ذلك في النثر قول أبي إسحاق الصابي : (وأن يخلّد في بطون الصحائف غلطنا وغلطك ، في إحساننا وإساءتك ، وحفظنا وإضاعتك). وكتب بعضهم في كتاب له : (ولو أن الأقدار إذ رمت بك من المراتب إلى أعلاها ، بلغت من أفعال السؤدد إلى ما وازاها ، فوازيت بمساعيك مراقيك ، وعادت النعمة بك بالنعمة فيك ، ولكنك قابلت سموّ الدرجة بدنوّ الهمّة ، ورفيع الرتبة بوضيع الشيمة ، فعاد علوّك بالاتفاق ، إلى حال دنوّك بالاستحقاق ، وصار جناحك في الانتهاض ، إلى مثل ما عليه قدرك في الانخفاض ، ولا لوم على القدر إذا أذنب فيك وأناب ، وغلط فعاد إلى الصواب) ، وهذا كلام معانيه متقابلة على الصحة ، ومن ذلك قول هند بنت النعمان : شكرتك يد نالتها خصاصة بعد نعمة ، ولا ملكتك يد نالت ثروة بعد فاقة.

__________________

(١) انظر «المعجم المفصل» (١ / ٩٦).

(٢) لأنه جعل بإزاء أن سقوا دماءهم التراب وقاتلوهم أن يصبروا ، وبإزاء أن أنعموا عليهم أن يثيبوا.