وأما قول أبي تمام :
أيّامنا مصقولة أطرافها |
|
بك والليالي كلّها أسحار (١) |
فمن الاستعارة المختارة ، لأنه لما أراد الأيام المحمودة الصافية من الكدر والقذى جعلها مصقولة على وجه الاستعارة ، وهذا تشبيه ظاهر.
وأما قوله :
يا دهر قوّم من أخدعيك فقد |
|
أضججت هذا الأنام من فرقك (٢) |
وقوله :
فضربت الشتاء في أخدعيه |
|
ضربة غادرته عودا ركوبا (٣) |
وقوله :
سأشكر فرجة اللّبب الرّخيّ |
|
ولين أخادع الدهر الأبيّ (٤) |
فإن أخادع الدهر والشتاء من أقبح الاستعارات ، وأبعدها مما استعيرت له ، وليس بقبح ذلك خفاء ، ولا يعرف أبو تمام الوجه الذي لأجله جعل للشتاء والدهر أخادع إلا سوء التوفيق في بعض المواضع. وأما قول أبي الطيّب :
مسرة في قلوب الطّيب مفرقها |
|
وحسرة في قلوب البيض واليلب (٥) |
__________________
(١) «ديوان أبي تمام» ٢ / ١٨١ ، من قصيدة في مدح أبي سعيد محمد بن يوسف الثغري.
(٢) الأخدعان : عرقان في صفحتي العنق قد خفيا وبطنا. «ديوان أبي تمام» ٢ / ٤٧٦.
(٣) العود : المسن من الابل. «ديوان أبي تمام» ١ / ١٦٦ من قصيدة في مدح عياش الحضرمي.
(٤) هو من قصيدة له في مدح الحسن بن وهب ، واللبب : المنحر. يقال فلان رضيّ اللبب : إذا كان في سعة من أمره. «ديوان أبي تمام» ٣ / ٣٥٤.
(٥) البيض : مفردها بيضة وهي الخوذة ، واليلب : الدروع ، يعني أن الطيب يسر باستعمالها إياه ، والبيض واليلب يتحسران لأنهما من ملابس الرجال. وانظر «ديوانه» (٢ / ١٩٣).