النحو ، ولا يليق بكتابنا هذا ذكره ، لأنه علم مفرد ، وصناعة متميزة.
وأما السادس مما ذكرناه : وهو أن تكون الكلمة قد عبّر بها عن أمر آخر يكره ذكره ، فالتأليف فيه تعلق بحسب إضافة الكلمة إلى غيرها ، فإن القبح يختلف بحسب ذلك ، كما في قول الشريف الرضى (١) :
أعزز عليّ بأن أراك وقد خلت |
|
من جانبيك مقاعد العواد |
لأن ـ مقاعد ـ لما أضيف إلى ـ العواد ـ زاد قبح الكلام ، ولو قال قائل : مقاعد الجبال ، على وجه الاستعارة أو غير ذلك لكان الأمر أسهل وأيسر ، فبهذا ونحوه يتعلق التأليف بهذا القسم.
وأما السابع : وهو اجتناب الكلمة الكثيرة الحروف ، فلا علقة للتأليف بهذا ، إلا أن ظهور قبحه أجلى إذا ترادفت فيه الكلمات الطوال على حد ما قلناه في الكلمة الوحشية.
وأما الثامن : وهو التصغير ، فلا علقة للتأليف به ، إذ كان لا يتعدى الكلمة بانفرادها ، لكني أقول : إن تكرار التصغير والنداء والترخيم والنعت والعطف والتوكيد وغير ذلك من الأقسام والإسهاب في إيرادها معدود في جملة التكرار ، ويجب التوسط فيه ، فإن لكل شيء حدّا ومقدارا لا يحسن تجاوزه ، ولا يحمد تعديه.
فإن قيل : كيف تحمدون التصغير في الكلمة على ما قدّمتموه ، فإذا انصاف إليه تصغير آخر قبح ، وكل واحد منهما حسن في نفسه؟ قلنا : إن التصغير المحمود معنى واحد وغير مختلف ولا متباين ، فنحن نكره تكراره كما نذم تكرار الكلمة الواحدة بعينها ، إن كانت مرضية غير ذميمة ، والعلة في الجميع واحدة.
فهذا ما يتعلق بالأقسام المذكورة في الكلمة بانفرادها قد أوضحناه وبيناه ، ونعود إلى ما يختص بالتأليف وينفرد له ، ونقول :
__________________
(١) «ديوان الشريف الرضي» ١ / ٣٥٦. وفي المطبوع : مقاود الصواد ، بدل مقاعد العواد.