وعلى هذا حملوا قول الآخر :
ويها فداء لك يا فضاله |
|
أجره الرّمح ولا تهاله (١) |
قالوا فتح اللام لسكونها وسكون الألف قبلها.
واختار الفتحة لأنها من جنس الألف التي قبلها ، فلما تحركت اللام لم يلتق ساكنان ، فتحذف الألف لالتقائهما. على أنّ أبا عليّ قد ذهب في «تهاله» إلى شيء غير هذا الذي ذهب إليه أبو العباس ، وفيه طول وفضل شرح ، فنتركه ، لأن فيما أوردناه مقنعا بإذن الله.
فإن قيل : فلم سلبت الهمزة من أم فتحها (٢) ، هلا تركتها همزة ، ثم حركتها لالتقاء الساكنين؟ وما الذي دعاك إلى قلبها بعد تسكينها ألفا ، حتى احتجت إلى أن تقلب الألف همزة؟
فالجواب أن العرب لم تسلب هذه الهمزة حركتها إلا للتخفيف ، ألا تراهم قالوا مراة ، وكماة ، ولم يقولوا : مرأة وكمأة.
فعلى هذا ينبغي أن يحمل عندي قوله : «أيوم لم يقدر أم يوم قدر». ويكون ارتكابك هذا الذي قد شاعت أمثاله عندهم وإن كان فيها بعض اللّطف والغموض ، أسهل وأسوغ (٣) من حذفك نون التوكيد ، لأمرين :
__________________
(١) البيت لم أعرف قائله وقد أورده اللسان في مادة «فدى» ، وفي «هول» ولم يعين قائله ، كذا أورده أبو زيد الأنصاري في النوادر ولم يعين قائله. ويها : كلمة إغراء وحث وتحريض (تكون للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث) ، فإذا أغربت رجلا قلت له : ويها يا فلان. وهو تحريض كما تقول : دونك يا فلان. وقد ورد في النوادر (ص ١٣) تعليقا على البيت ما نصه : (أجره) كسر الراء للالتقاء الساكنين ، ولو فتح كان أجود ، وآثر التخلص بالكسر ـ كما يقول ابن جني ـ لمجاورة الراء للجيم المكسورة ، وكلمة (فداء) رويت مكسورة الهمزة وبفتحها منونة ، أما الكسر فلأن من العرب من يكسر الهمزة إذا جاورت لام الجر خاصة. وأما فتح الهمزة فبتقدير عامل محذوف. أما فتح اللام في تهاله ، فقد وجهه ابن جني بعد البيت ، ولا داعي لإعادته.
(٢) يريد فتح همزة أم في قول الشاعر فيما سبق : (أيوم لم يقدر أم يوم قدر).
(٣) أسوغ : أسهل وألين ، وعطف أسوغ على أسهل ترادف يفيد التوكيد ، ويسمى أسلوب الإطناب.